184

وأما السنة بالسنة فالمختار: أنه يجوز. إذ قد وقع، وهو دليل الجواز. وذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ) وقد خرج بالأول.

(( و)) كما يجوز تخصيص الكتاب بالكتاب، والسنة بالسنة، يجوز تخصيصها (( بسآئرها )). أي: بسائر المخصصات المنفصلة. فيجوز تخصيص الكتاب بالسنة، والإجماع، والقياس، والعقل، والمفهوم. وكذلك السنة.

أما تخصيص الكتاب بالسنة بأقسامها فذلك جائز. فإن كانت قولا متواترا جاز اتفاقا. وإن كان آحاديا جاز على المختار. بدليل وقوعه. فإن قوله تعالى: { وأحل لكم ما وراء ذلكم}. عام يدخل فيه جواز نكاح المرأة على عمتها، وخالتها. وقد أجمعت الصحابة على أنه مخصص بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( لا تنكح المرأة على عمتها، وخالتها ). وكذلك قوله تعالى: { يوصيكم الله في أولادكم}. فإنه يوجب الميراث للولد عموما، وقد أجمعوا على تخصيصه بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( لا يرث القاتل، ولا الكافر المسلم ). ونحو ذلك. وإن كانت فعلا جاز أيضا. وذلك كرجمه صلى الله عليه وآله وسلم للمحصن لقوله: { الزانية والزاني فاجلدوا}. وهذا على مذهب من يقول بسقوط الجلد.

وأما من لا يقول بسقوطه. فلا تخصيص. والله أعلم.

وأما تخصيص القرآن بالعقل، فذلك كما في قوله تعالى: { خالق كل شئ}. فإن العقل قاض بخروجه تعالى عن هذا العموم. لاستحالة كونه مخلوقا. ونحو ذلك.

وأما تخصيص القرآن بالقياس، فإن كان جليا جاز التخصيص به، عند الأكثر. وذلك كما في قياس العبد على الأمة في تنصيف الجلد، بجامع الملك. فإنه مخصص لقوله تعالى: { فاجلدوهم ثمانين جلدة }. وكذا إن كان خفيا، فإنه أيضا يخصص به على الصحيح. مثل أن يعم قوله تعالى: { خذ من أموالهم صدقة}. المديون، وغيره. ثم يخصص المديون. قياسا على الفقير.

Page 163