وأستغرب متى شكا عاشق هجرا وصدا، وأفوق إلى توبة وجميل سهام كلام، وأسفه رأي قيس وعروة بن حزام، أعد ما نقل من أخبار هم زورا ومينا، وأستبعد من عاذل أن يجلب حينا ..» [1].
شعره وشاعريته
يستعرض الإربلي في أول مقدمة كتابه «التذكرة الفخرية» أهمية الشعر، ويعتبره من أعظم آداب العرب، ويأتي بنماذج طريفة من رفعة مكان بعض الناس أو سقوطها بسبب بيت أو أبيات قيل فيه مدحا أو ذما، فيسير ثناء الشخص على الألسن لمدح شاعر له أو تذمه العامة لقولة قالها فيه شاعر. كأنه بهذا الاستعراض يريد دفع القارئ إلى الاهتمام بهذه الميزة الأدبية وتشجيع ذوي القرائح لممارستها.
ويبدو من قراءة كتبه الأدبية أنه كان كثير المزاولة لشعر الشعراء- جاهليهم وإسلاميهم، قديمهم ومتأخريهم- له دأب على سبر دواوينهم وما أثر عنهم في الكتب الأدبية العامة، وعند الاستشهاد بأبياتهم يصرح برأيه فيها وربما نقدها بالنقد الأدبي الواعي. وكثيرا ما يذكر من أين أخذت المعاني، ويدل على السرقات الشعرية إن صح هذا التعبير، وذلك لمعرفته الجيدة بمواقع الإجادة فيها والمعاني المسبوقة في شعر المتقدمين، وهذا يدل على خبرته التامة بهذه الصنعة ومعالجته الطويلة لها وذوقه المرهف فيها.
عانى نظم الشعر منذ أيام الصبا كما كرر التصريح بذلك في أكثر من موضع من مؤلفاته [2]، ولطول مدة شاعريته نراه مكثرا له نظم وافر في مختلف الأغراض الشعرية التي اعتاد الشعراء تطرقها والنظم فيها.
اقتصر في كتبه على الأكثر من شعره بنقل أبيات يسيرة من قصائد ومقاطيع نظمها في مختلف المناسبات، وبهذا فوت علينا جانبا كبيرا من شعره ولم نطلع إلا على النزر اليسير منه.
له اهتمام ملحوظ بالتغزل في الشعر، فإن القسم الأوفر مما أورده من شعره في
Page 19