212

قال القاضي جمال الدين: فلم يكد الإمام -عليه السلام- ينفذ ذلك الوضع إلا بعد مراجعة طويلة من مولانا شرف الإسلام رحمه الله، ثم عدنا مع الأمير المذكور رحمه الله إلى جبال اللوز وقد اجتمع إلى مولانا الحسن رحمه الله أعيان بلاد نهم لم يهرب منهم إلا بعض المشائخ أهل الرهائن إلى صنعاء، وكان الأمير الحسين بن محمد كما تقدم في جبال اللوز فخاف أن يقطعه العساكر الإمامية فنجا(1) بمن معه إلى جانب بني بهلول إلى الموضع المعروف ببيت اللوذعي وبقي هنالك ولو استقام لأخذته الجنود الإمامية فقد يجتمع مع مولانا الحسن رحمه الله نحو ثلاثة آلاف من غير خولان وجهاتها، ثم صعد طريقا ضيقة في بلاد نهم فصعدها بمشقة وباشر إصلاحها بيده الكريمة، ثم طلع إلى الشرفة المسماه شرفة الأزارق(2)، وكان [91/ب] أهل تلك النواحي يروون عن قدمائهم أن الذي يمضي بقوم كذا في صفة كذا بين صخرتين يفتح صنعاء ويملك اليمن، ولما رأوه مر بينهما قطعوا بذلك. ولقد كنا نسمع عنهم في الصغر قبل ذلك بأن قالوا: (ويمضي شرفة الأزارق مثل البارق)، كلام سمعناه جملة والله أعلم ما أصل ذلك. وقد أرسل وهو في بلاد نهم مقدمة مع السيد الأفضل محمد بن أحمد بن الإمام الحسن عادت بركاته فدخل بلاد السر وبني حشيش وسار إليه أهلها واجتمعوا إلى القاضي الهادي بن عبد الله الحارثي وصار إلى مولانا الحسن رحمه الله، ثم طلع مولانا الحسن جبال اللوز وقدم المراتب إلى قريب من صنعاء مع السيد عز الدين محمد بن أحمد بن أمير المؤمنين والقاضي شمس الدين أحمد بن عامر وغيرهم، ووصله الحاج شمس الدين أحمد بن عواض وجموع خولان، فأعطى وجوه خولان وأحسن إليهم واستحلفهم على الطاعة، وفتح الحصن وقبض ما فيه وهدمه فهو على ذلك خراب إلى الآن والحمد لله كثيرا. وأمن واليه حسين آغا تركي يعزم إلى صنعاء فاستجار به مخافة من الباشا وبقي عنده في خدمة الخيام. وكان الخطاب بفتح الحصن على يد الأمير الهادي بعد رجوعه من عند الإمام -عليه السلام- وصح على رجل من الترك أهل الحصن أنه لم يقبل الصلح وهم بما لم ينبغي وأنه فيمن شرك بدم مولانا علي بن أمير المؤمنين المنصور بالله فأمر مولانا الحسن بضرب عنقه، وأقام في جبل اللوز نحو الشهرين، والقوافل في إثره من صعدة المحروسة بالله وقد جعل ولدي الحاج شمس الدين أحمد بن عواض رحمه الله محمد وعلي في الطريق التي ما بين بني جرموز ونهم لأجل القوافل، ووصله إلى جبال اللوز الأمداد من كل جهة بالحقوق والرجال، وظهر من بعض خولان مكاتبة وطمع أن يأكل من الجهتين، فقبض الرسل وضرب أعناقهم، ثم تشددوا بالمحارس على من خالط صنعاء ليلا ونهارا والحرب على الذراع لا يزال. ومن جهة المغرب أصحاب مولانا الحسين رحمة الله عليه (مع الشيخ المجاهد الفاضل جمال الدين [92/أ] علي بن عبد الله الطير رحمه الله) (1)، والمشرق مع السيد الفاضل حسام(2) الدين بن علي الهادي والحدا والإمداد إلى الظالمين في الذراع لا يزال. وقد عسكر العجم في ريمة ابن حميد محطة عظيمة، وفي بيت اللوذعي مع الأمير حسين وغيره كذلك، ثم في القبتين نحو ثلاثة آلاف وخمسمائة فارس وفي الذراع نحو الألفين وفي زراجة مثلها أو قريب منها من غير من في ذمار ويريم ونواحي اليمن ورداع، فخاف رضوان الله عليه على مراتب مولانا الحسين وأن تستمر الطريق إلى صنعاء.

Page 237