159

Iʿtiẓāẓ al-ḥunafāʾ bi-akhbār al-aʾimma al-Fāṭimiyyīn al-khulafāʾ

إتعاظ الحنفا بأخبار الأإمة الفاطميين الخلفا

Publisher

المجلس الأعلى للشئون الإسلامية

Edition Number

الأولى

Publisher Location

لجنة إحياء التراث الإسلامي

فلما اجتمع إليه العرب مناهم ملك الأرض كلها، ورد إلى من أجابه من العرب ما كان أخذ منهم من أهل وولد، ولم يرد عبدًا ولا أمة ولا إبلا ولا صبيا إلا أن يكون دون الأربع سنين.
وجمع الصبيان في دور وأقام عليهم قومًا، وأجرى عليهم ما يحتاجون إليه، ووسمهم لئلا يختلطون بغيرهم، ونصب لهم عرفاء، وأخذ يعلمهم ركوب الخيل والطعان، فنشأوا لا يعرفون غير الحرب، وقد صارت دعوته طبعًا لهم.
وقبض كل مال في البلد، والثمار، والحنطة، والشعير.
وأقام رعاةً للإبل والغنم، ومعهم قوم لحفظها، والتنقل معها على نوب معروفة.
وأجرى على أصحابه جرايات فلم يكن يصل لأحد غير ما يطعمه.
هذا وهو لا يغفل عن هجر، وطال حصاره لهم على نيف وعشرين شهرًا حتى أكلوا الكلاب، فجمع أصحابه، وعمل دبابات، ومشى بها الرجال إلى السور، فاقتتلوا يومهم، وكثر بينهم القتلى، ثم انصرف عنهم إلى الأحساء، وباكرهم فناشوه، فانصرف إلى قرب الأحساء، ثم عاد في خيل، فدار حول هجر يفكر فيما يكيدهم به، فإذا لهجر عين عظيمة كثيرة الماء، تخرج من نشز من الأرض غير بعيد منها، فيجتمع ماؤها في نهر يستقيم حتى يمر بجانب هجر، ثم ينزل إلى النخل فيسقيه، فكانوا لا يفقدون الماء في حصارهم.
فلما تبين له أمر العين انصرف إلى الأحساء، ثم غدا فأوقف على باب المدينة رجالًا كثيرًا، ورجع إلى الأحساء، وجمع الناس كلهم، وسار في آخر الليل فورد العين بكرة بالمعاول والرمل وأوقار الثياب الخلقان ووبر وصوف، وأمر بجمع الحجارة ونقلها إلى العين، وأعد الرمل والحصى والتراب، ثم أمر بطرح الوبر والصوف وأوقار الثياب في العين، وطرح فوقها الرمل والحصى والتراب والحجارة، فقذفته العين، ولم يعن ما فعله شيئًا، فانصرف إلى الأحساء بمن معه.

1 / 161