104

Itqan

الإتقان في علوم القرآن

Investigator

محمد أبو الفضل إبراهيم

Publisher

الهيئة المصرية العامة للكتاب

Edition Number

١٣٩٤هـ/ ١٩٧٤ م

قُلْتُ: وَمِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى اعْتِبَارِ عُمُومِ اللَّفْظِ احْتِجَاجُ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ فِي وَقَائِعَ بِعُمُومِ آيَاتٍ نَزَلَتْ عَلَى أَسْبَابٍ خَاصَّةٍ شَائِعًا ذَائِعًا بَيْنَهُمْ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَعْشَرٍ أَخْبَرْنَا أَبِي أَبُو مَعْشَرٍ نَجِيحٌ سَمِعْتُ سَعِيدَ الْمَقْبُرِيَّ يُذَاكِرُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعَّبٍ الْقُرَظِيَّ فَقَالَ سَعِيدٌ: إِنَّ فِي بَعْضِ كُتُبِ الِلَّهِ: إِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا أَلْسِنَتُهُمْ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَقُلُوبُهُمْ أَمَرُّ مِنَ الصَّبْرِ لَبِسُوا لِبَاسَ مَسُوكِ الضَّأْنِ مِنَ اللِّينِ يَجْتَرُّونَ الدُّنْيَا بِالدِّينِ. فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ هَذَا فِي كِتَابِ الِلَّهِ: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ الآية، فَقَالَ سَعِيدٌ قَدْ عَرَفْتُ فِيمَنْ أُنْزِلَتْ؟ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: إِنَّ الْآيَةَ تَنْزِلُ فِي الرَّجُلِ ثُمَّ تَكُونُ عَامَّةً بَعْدُ. فَإِنْ قُلْتَ: فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ لَمْ يَعْتَبِرْ عُمُومَ: ﴿لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ﴾ الآية، بَلْ قَصَرَهَا عَلَى مَا أُنْزِلَتْ فيه مِنْ قِصَّةِ أَهْلِ الْكِتَابِ. قُلْتُ: أُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَنَّ اللَّفْظَ أَعَمُّ مِنَ السَّبَبِ لَكِنَّهُ بَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِاللَّفْظِ خَاصٌّ وَنَظِيرُهُ تَفْسِيرُ النَّبِيِّ ﷺ الظلم فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ بِالشِّرْكِ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ مَعَ فَهْمِ الصَّحَابَةِ الْعُمُومَ فِي كُلِّ ظُلْمٍ. وَقَدْ وَرَدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ الْعُمُومِ فَإِنَّهُ قَالَ بِهِ فِي آيَةِ السَّرِقَةِ مَعَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي امْرَأَةٍ سَرَقَتْ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَمَّادٍ حَدَّثَنَا أَبُو ثَمِيلَةَ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ عَنْ نَجْدَةَ الْحَنَفِيِّ

1 / 111