103

Itqan

الإتقان في علوم القرآن

Investigator

محمد أبو الفضل إبراهيم

Publisher

الهيئة المصرية العامة للكتاب

Edition Number

١٣٩٤هـ/ ١٩٧٤ م

اللَّهُ وَأَحَلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَكَانُوا عَلَى المضادة والمحاداة فَجَاءَتِ الْآيَةُ مُنَاقِضَةً لِغَرَضِهِمْ فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا حَلَالَ إِلَا مَا حَرَّمْتُمُوهُ وَلَا حَرَامَ إِلَا مَا أحللتموه نازلا نزلة مِنْ يَقُولُ: لَا تَأْكُلِ الْيَوْمَ حَلَاوَةً فَتَقُولُ: لَا آكُلُ الْيَوْمَ إِلَا الْحَلَاوَةَ وَالْغَرَضُ الْمُضَادَّةُ لَا النَّفْيُ وَالْإِثْبَاتُ عَلَى الْحَقِيقَةِ فَكَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: لَا حَرَامَ إِلَا مَا أَحْلَلْتُمُوهُ مِنَ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ ولحم الخنزير وما أهل لغير الِلَّهِ بِهِ وَلَمْ يَقْصِدْ حِلَّ مَا وَرَاءَهُ إِذِ الْقَصْدُ إِثْبَاتُ التَّحْرِيمِ لَا إِثْبَاتُ الْحِلِّ. قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَهَذَا فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَلَوْلَا سَبْقُ الشَّافِعِيِّ إِلَى ذَلِكَ لَمَا كُنَّا نَسْتَجِيزُ مُخَالَفَةَ مَالِكٍ فِي حَصْرِ الْمُحَرَّمَاتِ فِيمَا ذَكَرَتْهُ الْآيَةُ. وَمِنْهَا: مَعْرِفَةُ اسْمِ النَّازِلِ فِيهِ الْآيَةُ وَتَعْيِينُ الْمُبْهَمُ فِيهَا وَلَقَدْ قَالَ مَرْوَانُ فِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ: إِنَّهُ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ: ﴿وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا﴾ حَتَّى رَدَّتْ عَلَيْهِ عَائِشَةُ وَبَيَّنَتْ لَهُ سَبَبَ نُزُولِهَا. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْأُصُولِ: هَلْ الْعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ أَوْ بِخُصُوصِ السَّبَبِ؟ وَالْأَصَحُّ عِنْدَنَا الْأَوَّلُ وَقَدْ نَزَلَتْ آيَاتٌ فِي أَسْبَابٍ وَاتَّفَقُوا عَلَى تَعْدِيَتِهَا إِلَى غَيْرِ أَسْبَابِهَا كَنُزُولِ آيَةِ الظِّهَارِ فِي سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ وَآيَةِ اللِّعَانِ فِي شَأْنِ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ وَحَدِّ الْقَذْفِ فِي رُمَاةِ عَائِشَةَ ثُمَّ تَعَدَّى إِلَى غَيْرِهِمْ. وَمَنْ لَمْ يَعْتَبِرْ عُمُومَ اللَّفْظِ قَالَ: خَرَجَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ وَنَحْوُهَا لِدَلِيلٍ آخَرَ كَمَا قُصِرَتْ آيَاتٌ عَلَى أَسْبَابِهَا اتِّفَاقًا لِدَلِيلٍ قَامَ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي سُورَةِ الْهُمَزَةِ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ خَاصًّا وَالْوَعِيدُ عَامًّا لِيَتَنَاوَلَ كُلَّ مَنْ بَاشَرَ ذَلِكَ الْقَبِيحَ وَلِيَكُونَ ذَلِكَ جَارِيًا مَجْرَى التَّعْرِيضِ.

1 / 110