Ithbat Nubuwwa
إثبات نبوة النبي
Genres
فوجد مخبر الخبر على ما أخبر به ، ولم يقل أحد منهم: إني أتمنى الموت . هذا مع ما كان عليه اليهود من شدة الحرص على تكذيبه ، وإبطال دعواه ، وتوهين أمره ، حتى أنهم استهانوا بالموت ، وما يجري من القتل الذريع عليهم ، في جنب استمرارهم على معاداته ، وتحققهم بمناوأته ، فلو لا أن الخبر صدر من عند علام الغيوب ، لم يكن يجوز أن يورده النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، خشية أن يظهر منهم ما يوجب تكذيبه .
ومن ذلك قوله عز وجل: { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس } [المائدة] ، يعصمه الله عز وجل من الناس كما وعده ، وجرى الأمر فيه إلى قبضه صلى الله عليه وآله وسلم ، على ما دل عليه الخبر .
وهذا أمر الغيب الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه ، لأن الانسان لا يدري ما يجري عليه إلى أن يموت ، سيما من كان على مثل حاله صلى الله عليه وآله وسلم في كثرة الأعداء .
ومن ذلك قوله عز وجل: { وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم } [الأنفال: 7] ، وهذه الآية قد تضمنت خبرين من أخبار الغيوب .
أحدهما: ما وعدهم الله عز وجل به من كون إحدى الطائفتين لهم ، وأنه يظفر بها ، والطائفتان:
أحدهما: العير التي كانت مع أبي سفيان .
والثانية: الذين خرجوا للمحاماة عنهم من أحزاب قريش ، فأظفرهم الله تعالى بأحزاب قريش يوم بدر ، وأنجز لهم الموعود .
فإن قيل: الآية نزلت بعد الكائنة ، وإذا كان هذا هكذا ، فليس فيه خبر عن الغيب ، لأنه خبر عن الواقع المعلوم ؟!
Page 235