151

ومن ذلك قوله عز وجل: { كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله } [المائدة: 64] ، أراد: كلما أهاجوا شرا .

وأمثال هذا في القرءان أكثر من أن يعد ويحصى (¬1) ، وهي عادة العرب في مخاطباتها ومحاوراتها ، وأشعارها وخطبها ، ولم نطول الكتاب بذكر ما ورد عنهم في هذا الباب ، لشهرته واستفاضته .

ومن أقسام الفصاحة: الإيجاز .

وذلك ينقسم إلى قسمين ، قد يكون بتقليل الحروف مع استيفاء المعنى ، وقد يكون بالحذف ، والحذف على أنحاء شتى ، ونحن نبينه على جميع ذلك بذكر بعضه ، إذ استيفاء جميعه مما يطول .

فمن الإيجاز بتقليل الحروف ، قوله عز وجل: { وله كل شيء } [النمل: 91] ، ومن ذلك قوله عز وجل: { أخرج منها ماءها ومرعاها (31) والجبال أرساها (32) } [النازعات] ، قلل الحروف في هذا الموضع ، لما أراد الإيجاز ، وبسط حيث أراد البسط في هذا المعنى ، فقال: { أنا صببنا الماء صبا (25) ثم شققنا الأرض شقا (26) فأنبتنا فيها حبا (27) وعنبا وقضبا (28) وزيتونا ونخلا (29) وحدائق غلبا (30) وفاكهة وأبا (31) } [عبس] ، وقال أيضا: { خلق الانسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين (4) } [النحل] .

فانظر - رحمك الله - إلى شرف هذا الكلام ، فإنه أوجز هذا الإيجاز ، وذكر للإنسان حالتين:

Page 204