230

Istiqama

الاستقامة الجزء الثاني المصحح

Genres

-241- فغير واسع جهل الشاك فيه أو الجاحد له ، وأنه هالك بجهله لذلك ، كما أنه هالك بجهله لما لايسعه جهله من نفس الدين .

فصل : ولا نعلم أن أحدا قال : لا يسع جهل ضلالة المحرمين ، أو الراكبين على غير استحلال للحرام أو التحريم للحلال على وجه التفسير لذلك ، وان كان قد جاء الأثر عن بعض أهل العلم أنه لا يسع جهل الحرام مما جاء في كتاب الله ، فكل ما جاء في كتاب الله فلا يسع جهله ، بهذا جاء الأثر ، ويخرج ذلك في تفسير أهل العلم أنه لا يسع جهل ركوبه على الجهل به ، ولا نعلم أن أحدا قال ذلك ، مفسرا أنه لا يسع جهل علم كل ما جاء في كتاب الله قبل بلوغ علم ذلك إليه ، أو قيام الحجة به عليه ، وإنما لا يسع من ذلك جهله ما قامت الحجة فيه من العقول ، كان من التنزيل أو التأويل ، وما علم العالم حرمته من ذلك ، ثم علم من يستحله ، فلا يسعه أيضا جهل ذلك ، ولا جهل علم ضلالة الجاحدين ، لما يدين به ، والمضاد له في دينه ، في أكثر القول من قول أهل العلم من أهل الاستقامة ، وقد مضى القول فيه .

وأما علم كل ما لا تقوم الحجة فيه إلا بالسماع والعبارة ، فواسع جهل علمه ، ما لم يبلغ علم ذلك إليه ، أو تقوم بعلم ذلك الحجة عليه ، أو يضيع واجب ذلك بجهله ، أو يركب محرم ذلك بجهله ، فإذا كان منه ذلك هلك بالركوب لذلك ، على غير دينونة بسؤال عند عدم المعبرين له ذلك ، وهلك بتضييع لازم ذلك ، وأن عدم المعبرين له إذا لم يدن بالسؤال عن علم ذلك .

فصل : وكان عليه أن لا يرجع إلى الشك بعد اليقين ، ولا إلى الجهل بعد العلم لما قد علم من ذلك ، ولوكان ذلك الذي قد علمه من أصل ما يسع جهله ، وأما إذا عدم المعبرين لذلك الذي قد ضيعه من اللازم ، أو ركبه من المحارم ، ولم يكن بحضرته من يعبر له ذلك ، فقد كان عليه أن لا يقدم على حرام ، ولا يضيع لازما ، وأما إذا فعل ذلك ، فإن دان بالتوبة

Page 242