قلنا له : فقد نقضت قولك الذي قلت إن النظر إلى الفروج محجورا ، اذا كان على غير ضرررة ، وأي ضرورة في ذلك على ذهاب نفس الزاني والزانية في ذات الدنيا ، أو على دينه هو ، بل الهلكة عليه في النظر إلى الفروج ، ولا يجوز له الاعتماد على النظر لفروج الزاني والزانية ليبرأ منهما ، ولا ليشهد عليهما بالزنا ، لأن في ذلك تعطيل فريضة من فرائض الله حاضرة متعبد بها في حينه ، فلا يجوز تعطيلها بالاجماع ، لفريضة غائبة لا تلزمه إلابتعطيل ا لحاضرة .
فان قال : نعم فلا بد من ذلك ، أو الاقامة على إباحة النظر إلى الفروج المحرمة بالكتاب والسنة والاجماع ، من المسلمين .
فيقال له عند ذلك : وكيف قلت بأنه يجوز القصد إلى تجسس العورات والتماس العيوب والعثرات ، لقصده إلى البراءة ، وذلك محجور في الأصل ، كما هو محجور النظر إلى الفروج بالتعمد ، فأين قولك إنه بالقصد إلى إرادة الفريضة التي يريدها ، لا يكون معطلا للفريضة المضيع لها ، ولا يصل إليها إلا بتضييع هذه ، ولن يجد إلى ذلك سبيلا ، إن شاء الله الا بالمكابرة والجهل .
ويقال له : ما تقول فيمن كان معه من المال ، ما لو خرج إلى الحج في حين وقت خروج أهل بلده ، لأجزأه ذلك المال في التعارف الى أن يرجع إلى بلده ، وله عيال يلزمه عولهم من زوجته وأولاده صغار ، لا يدع لهم ما يجزيهم إلى أن يرجع إليهم ، أكان يجب عليه الخروج إلى الحج ، بما قد وجد من المال الذي قد ملكه ، وصار مالكا له ، أو كان مباحا له أن يخرج إلى الحج ، ويدع عياله بغير شيء ، إذ قد وجد الزاد والراحلة وكان صحيحا آمنا على نفسه .
Page 178