Islam Sharikan
الإسلام شريكا: دراسات عن الإسلام والمسلمين
Genres
ويزيد من غموض أوضاع هؤلاء «الذين آمنوا ولم يهاجروا» أننا لا نكاد نعرف شيئا عن حقيقة تلك الأوضاع أثناء حياة الرسول عليه الصلاة والسلام. ومبلغ علمي أن هذه الجماعة لم تذكر إلا ضمن محاولة أخرى لتصنيف أعضاء «الأمة»، وهذه المحاولة تنسب لواحد من أهم المفسرين للقرآن الكريم، وهو ابن عباس رضي الله عنهما، ولأحد أتباعه وهو «الضحاك»، وقد أثبتها الطبري في تفسيره.
16
وتقول هذه الرواية المنسوبة لابن عباس إن المؤمنين على عهد الرسول عليه الصلاة والسلام كانوا مقسمين إلى «منازل» ثلاث أو أربع: المهاجرين، والأنصار، والأعراب المؤمنين أو الأعراب المسلمين الذين آمنوا ولم يهاجروا، إلى جانب أصحاب المنزلة الرابعة الذين يتألفون - إذا ذكروا أصلا - من «التابعين بإحسان» (وفقا للآية الكريمة رقم 10 من سورة التوبة التي سبق ذكرها). ولما لم يكن هناك ذكر لأي واقعة تاريخية محددة عنهم، فيبدو من الممكن القول إن هذا التصنيف لا يعدو أن يكون مجرد اجتهاد في تفسير نصوص الآيات القرآنية الكريمة.
17
مهما يكن الأمر فإن البدو المسلمين يظهرون مرة أخرى في وقت متأخر، وذلك في سياق مناقشة دارت بين الفقهاء المتقدمين وتعكس فيما يبدو واقعة تاريخية جرت بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام. ولعل أهم ما في هذه المناقشة هو الحديث الشريف المنسوب إلى بريدة بن الحصيب الأسلمي الذي يذكر فيه بعض توجيهات النبي عليه السلام لقواد الحملات التي أرسلها لقتال الكفار، وأمرهم فيها بأن يخيروا أعداء الدين بين أمور ثلاثة: (1)
أن يدخلوا في الإسلام ويهاجروا إلى دار المهاجرين. (2)
أو أن يدخلوا في الإسلام بدون أن يهاجروا. (3)
أو أن يدفعوا الجزية في حالة رفضهم الدخول في دين الله.
فإذا اختاروا الأمر الثاني، أي الدخول في الإسلام بغير هجرة، فإنهم «يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين ولا يكون لهم في الفيء والغنيمة نصيب إلا أن يجاهدوا مع المسلمين.»
18
Unknown page