[المعرفة الأولى: أن العالم كله محدث.]
وأما الركن الثاني وهو إثبات الصانع
ففيه معرفتان.
إحداهما: أن العالم كله محدث.
والثانية: أن له محدثا وهو الله تعالى.
أما المعرفة الأولى فبيانها: أن العالم يتغير من حال إلى حال، شتاء وصيف، وحر وبرد، وضر ونفع، وغير ذلك من هبوب الرياح وسكونها، وطلوع النجوم وأفولها، وتجدد الأمطار والأشجار والثمار على اختلافها، وتجدد الإنسان في الأرحام، وخروجه مع كبره وصغر ما يخرج منه إلى الأرض، ثم كونه رضيعا، ثم طفلا، ثم غلاما، ثم بالغا شابا، ثم كهلا، ثم شيخا، وتغير شعره وبشره وأعضائه وعروقه كحركاتها وسكناتها، والقديم لا يتغير ولا يتجدد.
ووجه آخر: وهو أن العالم بما فيه لا يكون إلا متحركا أو ساكنا، أو مجتمعا أو مفترقا، ولا يعقل إلا كذلك، وهذه الأحوال محدثة ؛ لزوالها ؛ وعدمها عند تجدد أضدادها، والقديم لا يجوز عليه الزوال والعدم، وإذا كانت محدثة والعالم لا يخلو منها فهو لا محالة محدث مثلها.
وعلى هذا قال الله تعالى:{إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآية}(1).
Page 214