«لو قتل اليوم ما اختلف رجلان من أُمتي حتى يخرج الدَّجَّال» .
وجاء التصريح في حديث آخر صحيح، أنّ الفتن جميعها ما صُنِعت ووجدت إلا لفتنة الدجال، وهذا البيان:
أخرج أحمد (٥/٣٨٩)، والبزار في «مسنده» (٢٨٠٧ و٢٨٠٨)، وابن حبان (٦٨٠٧)، والطبراني مختصرًا في «الكبير» (٣٠١٨) من طرق عن الأعمش، قال أحمد: عن أبي وائل عن حذيفة. وقال الباقون: عن سليمان بن ميسرة، عن طارق بن شهاب، عن حذيفة، قال: ذكر الدجال عند رسول الله ﷺ، فقال: «لأنا لفتنةِ بعضكم أخوفُ عندي من فتنة الدَّجال، ولن ينجو أحد مما قبلها إلا نجا منها، وما صُنِعت فتنةٌ -منذ كانت الدنيا- صغيرةً ولا كبيرة إلا لفتنة الدَّجال» . لفظ أحمد (١) .
وإسناد أحمد صحيح؛ إن كان الأعمش سمعه من أبي وائل (٢) .
فالفتن سلسلة، آخذة كلُّ حلْقةٍ بأختها، حتى تصل إلى الدجال، والذي خشيه عليها نبيُّنا ﷺ (فتنة بعضنا) من البغي، والظلم، والقتل، وهذا الذي بدأ زمن (الخوارج)، الذين خرجوا من ضئضئ ذاك الرجل، الذي لو قُتِل، لكان أول فتنة وآخرها؛ كما قال النبي ﷺ.
فصل
الخوارج والعراق
وكان خروجهم في العراق، بعد مقتل عمر، وذكر ابن كثير في «البداية
(١) ثم وجدت لفظه في «المسند» (٣٨/٣٣٤ رقم ٢٣٣٠٤ - ط. مؤسسة الرسالة): «إلا تتضع لفتنة الدجال»، بزيادة: «تتضع»، وهي عند ابن حبان والبزار في إحدى روايتيه.
(٢) الحديث صحيح على فرض عدم السماع بالطرق الأخرى، وانظر تفصيل ذلك في «السلسلة الصحيحة» (٣٠٨٢) .