395

Al-intiṣār ʿalā ʿulamāʾ al-amṣār – al-mujallad al-awwal ḥattā 197

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

وخامسها: أثر الفصد فإن تلك الشرطة أثرها يسير يعفى عنه، وهكذا حال أفواه الدماميل عند عصرها، يغتفر حالها لعصرها وعموم البلوى بكثرتها في الأجسام .

وسادسها: ما تحمله الذبان بأرجلها من النجاسات في الأثواب والأجسام، فإنها كثيرا ما تقع على الأجسام الرطبة ثم تطير فتقع على ما ذكرناه، فما هذا حاله يتعذر الاحتراز منه لا محالة، فلهذا عفي عنه إذا كان يسيرا غير متفاحش في الكثرة.

وسابعها: ما تحمله الريح من النجاسات أيضا سواء كانت النجاسة رطبة أو يابسة، فإنها ربما حملت من غبار السرقين والأزبال النجسة، وتارة تطير بالرشاشات من الرطوبات النجسة أيضا، فإنه يعفى عما هذا حاله مالم يكن متفاحشا.

وثامنها: الحبة والحبتان من خرو الفأرة؛ لأن البلوى بهن كثيرة في البيوت والمساكن العامرة والخراب، ومثل ذلك جار في حق الحيات والأفاعي الساكنة في البيوت أيضا، فإنه يعفى من ذروقهن وأزبالهن ما يغتفر في حق الفأرة؛ لأنهما سواء في المخالطة والطوف، وقد قال الفقهاء مثل ذلك في البعرة والبعرتين عند الحلب، لأن ذلك ربما وقع كثيرا، بناء منهم على ما زعموه من نجاسة أرواث ما يؤكل لحمه، وقد مر الكلام عليهم في ذلك.

وتاسعها: إذا طين البيت بالطين النجس بالأمواء النجسة والأزبال والسرقين، فإن الطين يكون نجسا بما خالطه منها، فإذا دخلها الداخل ولا صق هذه الجدرات فإنه ربما يعلق بالأثواب منها شيء من غبارها وترابها، فيغتفر ما هذا حاله لما يلحق من توقيه من المشقة بالتحرز منه فتساهل الشرع فيه.

وعاشرها: الدماء التي تكون في العروق متصلة باللحم بعد الذبح، ودماء المذابح ما بقي منها يغتفر، لأنه لم يعلم في الأمصار والأقاليم أن أحدا من العلماء أوجب غسل تلك المواضع لما يلحق فيها من الصعوبة والحرج، وفي هذا دلالة على كونها مغتفرة في الطهارات كما قررناه من قبل، ويلحق بهذا العفو: موضع السبيلين، بترك الغسل اكتفاء بالحجارة على رأي الفقهاء، وهو عندنا غير معفو عنه، ولابد من غسله وسنقرره في الاستنجاء بمعونة الله تعالى.

Page 402