Intisar
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
Genres
الانتصار: قالا: ليس عليه إلا التوضؤ بما يعتقد في نفسه كونه مباحا، وهذا حاصل فيما نحن فيه.
قلنا: أليس اعتقاده جهلا؟ فلابد من بلى.
قلنا: فجهله لا يزيده إلا وبالا ولا يكون مسوغا ما لا يسوغ شرعا، من جهة أن الحقيقة مخالفة لإعتقاده فلا أثر لاعتقاده مع حقيقة الحال في كونه مغصوبا.
والعجب أن ما ذكره المؤيد بالله هاهنا مخالف لما تقتضيه أصوله في الصلاة، إذ ليس هاهنا إلا فقد العلم بكون الماء مغصوبا، وقد تقرر من نصوصه أنه لا تأثير للعلم والجهل في المفعول إذا لم يكن سائغا على اجتهاده، وقد نص على أن من نسي شيئا مما طريقه الاجتهاد فكان مختلفا فيه فصلى ولم يذكره إلا بعد مضي الوقت، فإنها تجب عليه الإعادة، فكيف يقال هاهنا بأن وضوءه يكون مجزيا مع وقوعه على خلل وفساد لم يعلمه. وأعجب من هذا أن هذين الإمامين: المؤيد بالله والمنصور بالله، لا يزالان معولين في أثناء كلامهما في ريب النظر ومجاري الاجتهاد على حقائق الأشياء وأصولها في استصحاب العموم وإستصحاب الأصل في الطهارة والنجاسة، واستصحاب براءة الذمة وغير ذلك مما يكون متمسكا بالحقائق في أصول الأشياء، حتى إذا جاءا إلى هذه المسألة كان تعويلهما على مطلق الاعتقاد من غير تعويل على الحقائق ولا التفات إليها، مع تبحرهما في علم الشريعة وإحاطتهما بالمجاري الاجتهادية والمضطربات الفقهية، فما أدري على ما أوجه عليه كلامهما في هذه المسألة.
الفرع الثالث: من توضأ من بئر في دار من غير إذن أهلها، فهل يكون وضوؤه مجزيا له أم لا؟ فيه قولان للمؤيد بالله:
أحدهما: أنه لا يكون مجزيا، وهذا هو الذي ذكره بعض فقهاء المذهب.
والحجة على ذلك: هو أن البئر وماءها ملك لصاحبها فلا يجوز من غير إذنه كما لو كان الماء في كوز أو قربة، فإذا كان أخذه معصية بالغصب كان مضادا للقربة فلا جرم قضينا بفساد الوضوء لوقوعه غير عبادة.
وثانيهما: أن ذلك جائز وهذا هو الذي ذكره آخرا.
والحجة على ذلك: هو أن أصل الماء باق على الإباحة مالم يكن محرزا في الكيزان والجرار، بدليل قوله : (( الناس شركاء في ثلاثة: في الماء والنار والكلأ )).
Page 275