Intisar
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
Genres
وأما ثانيا: فلأنه لم يروه عن رجل معين وإنما قال فيه: لقيت رجلا صحب رسول الله أربع سنين كما صحبه أبو هريرة، فأضافه إلى مجهول أيضا لا يعرف حاله، وما هذا حاله من الأحاديث يكون مرجوحا بغيره مما يكون رواية معلومين.
وأما ثالثا: فلأنه قال فيه: صحب رسول الله أربع سنين كما صحبه أبو هريرة، ولا شك أن صحبة أبي هريرة لرسول الله كانت أكثر من أربع سنين.
وأما رابعا: فلأنه لا معنى لكون هذا الرجل صحب الرسول أربع سنين، فإن الصحبة تثبت بدون هذه المدة فلا وجه لتحديدها بأربع سنين.
وأما خامسا: فلأنه إذا كان عدلا فهو مقبول الرواية سواء كانت صحبته مدة كثيرة أو قليلة.
وأما سادسا: فلأن هذا الحديث معارض بما روته عائشة رضي الله عنها قالت: (( كنت أغتسل أنا ورسول الله من إناء واحد ونحن جنبان)).
وأما سابعا: فلأنه معارض بحديث ابن عمر رضي الله عنه قال: (( كان الرجال والنساء يتوضئون في زمان رسول الله ، من الإناء الواحد)). فهذه الأمور كلها دالة على ضعف هذا الحديث وأن غيره راجح عليه.
قالوا: المعلوم من عادة الصحابة والتابعين أنهم كانوا يعدلون عند عدم الماء إلى التيمم، وما روي عن أحد منهم أنه توضأ بالماء المستعمل، وفي هذا دلالة على كونه غير مطهر.
قلنا: الكلام على ما ذكرتموه من وجهين:
أما أولا: فلأنهم إنما عدلوا إلى التيمم إذا عدم الماء أو تعذر استعماله، ومهما عدم الماء المطلق عدم المستعمل، وحيثما تعذر استعمال المطلق تعذر استعمال المستعمل، فلا حجة لكم في ذلك.
وأما ثانيا: فهو طاهر عندكم، والأمة قد عدلت عنه إلى التيمم، فيحمل أن يكون عدولهم إلى التيمم لنجاسته ويحمل أن يكون عدولهم لأجل كونه غير مطهر كما قلتموه ، فما أجبتم به من قال بكونه نجسا فهو جوابنا لكم في كونه غير مطهر، من جهة أن عدولهم إلى التيمم محتمل للوجهين جميعا على سواء.
Page 249