فتتركه، حتى تنتهي إلى العضباء، فلم تَرغُ -قال: وهي ناقةٌ مُنوَّقة- (١) فقعدت في عجزها، ثم زجرتها، فانطلقت، ونَذِرُوا بها فطلبوها، فأعجزتهم، قال: ونذرت لله: إن نجَّاها الله عليها لتنحرنَّها، فلما قدمت المدينة رآها الناس، فقالوا: العَضباء: ناقة رسول الله ﷺ، فقالت: إنها نذرت إن نجَّاها الله عليها لتنحرنَّها، فأتوا رسول الله ﷺ فذكروا ذلك له، فقال: «سبحان الله! بئس ما جَزَتْها! نذرت لله إن نجَّاها الله عليها لتنحرنَّها؟!، لا وفاء لنذرٍ في معصية، ولا فيما لا يملك» .
قال: فهذا دليل على أن أهل الحرب لا يملكون علينا بالغَلبة، ولا بغيرها، ولو ملكوها لكانت المرأة قد مَلَكتها كسائر أموالهم، وكان يصحُّ نذرها.
وفي البخاري (٢)، عن ابن عمر قال: ذهب فرس له، فأخذه العدو، فظهر عليهم المسلمون، فرُدَّ عليه في زمان رسول الله ﷺ، وأبَق عبدٌ له، فلحق بالروم، فظهر عليه المسلمون، فردَّه عليه خالد بن الوليد بعد النبي ﷺ.
وقول ثانٍ: إن ما حازه العدو من ذلك فقد ملكوه، فإذا استولى عليه
(١) منوَّقة: أي: ذلول مُجرَّسة. أو: هي المدرَّبة. كما في بعض روايات الحديث.
(٢) علَّقه في «صحيحه» . في كتاب الجهاد والسير (باب إذا غنم المشركون مال المسلم، ثم وجده المسلم) (رقم ٣٠٦٧) .
ووصله ابن أبي شيبة (١٢/٤٤٥)، وعبد الرزاق (٩٣٥٢، ٩٣٥٣) في «مصنفيهما»، وسعيد بن منصور (٢٧٩٧)، وأبو إسحاق الفزاري في «السير» (رقم ١١٩، ١٢٠)، وأبو داود (٢٦٩٨، ٢٦٩٩)، وابن ماجه (٢٨٤٧) في «سننيهما»، وابن الجارود في «المنتقى» (١٠٦٨)، وابن حبان في «صحيحه» (٤٨٤٦- «الإحسان»)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٣/٢٦٤)، والبيهقي (٩/١١٠-١١١) في «الكبرى»، والبغوي في «شرح السنة» (٢٧٣٤)، وابن عبد البر في «الاستذكار» (١٤/١٢٤ رقم ١٩٦٦٩) عن ابن عمر، بنحوه.
ووصله البخاري في «صحيحه» (٣٠٦٨، ٣٠٦٩)، ولكنه جعله في زمن أبي بكر، وليس في زمن النبي ﷺ، وكذا أخرجه الإسماعيلي، وفيه -أيضًا- أن الرادَّ للفرس هو خالد بن الوليد. وانظر: «فتح الباري» (٦/١٢٦) .