مِن أدبِ العلماءِ مع النبى ﷺ -
قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: (واعلم أن حرمة النبي ﷺ بعد موته وتوقيره وتعظيمه لازم كما كان حال حياته، وذلك عند ذكره ﷺ وذِكر حديثه وسنته، وسماع اسمه وسيرته ومعاملة آله وعترته، وتعظيم أهل بيته وصحابته، قال أبو إبراهيم التُّجيبيُّ: " واجب على كل مؤمن متى ذكره أو ذكر عنده أن يخضع ويخشع ويتوقر، ويُسَكِّنَ من حركته، ويأخذ في هيبته وإجلاله بما كان يأخذ به نفسه لو كان بين يديه، ويتأدب بما أدَّبنا الله به) اهـ (١).
وهكذا كانت سيرة سلفنا الصالح وأئمتنا الماضين رضي الله تعالى عنهم: فعن مصعَب بن عبد الله: (كان مالك إذا ذكر النبي ﷺ عنده تغير لونُه وانحنى، حتى يصعُبَ ذلك على جُلسائه، فقيل له يومًا في ذلك؟ ققال: لو رأيتم لما أنكرتم علي ما ترون، كنتُ آتي محمد بن المنكدِر وكان سيد القُرَّاء -أي سيد العلماء- لا نكاد نسأله عن حديث إلا بكى حتى نرحمه، ولقد أتى جعفر بن محمد -هو جعفر الصادق- وكان كثير المزاح والتبسم، فإذا ذكر عنده النبي ﷺ اخضرَّ واصفرّ) (٢)، وقال مالك أيضًا: " كلما أجدُ في قلبي قسوةً آتي محمد بن المنكدر، فأنظرُ إليه نظرة، فأتعظ بنفسي أيامًا ".
(١) " الشفا " (٢/ ٩١ - ٩٢).
(٢) " ترتيب المدارك " (١/ ١٧٩).