117

Akhbār al-ʿulamāʾ bi-akhbār al-ḥukamāʾ

اخبار العلماء بأخبار الحكماء

Editor

إبراهيم شمس الدين

Publisher

دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان

Edition

الأولى 1426 هـ - 2005 م

Regions
Syria

المنصور في صدر أمره عندما بنى مدينة السلام بغداد في سنة ثمان وأربعين ومائة للهجرة أدركه ضعف في معدته وسوء استمراء وقلة شهوة وكلما عالجه الأطباء ازداد مرضه فتقدم إلى الربيع بجمعهم فلما اجتمعوا قال لهم المنصور أريد من الأطباء في سائر المدن طبيبا ماهرا فقالوا ما في عصرنا أفضل من جورجيس بن بختيشوع رئيس أطباء جند يسابور فإنه ماهر في الطب وله مصنفات جليلة فتقدم المنصور بإحضاره فأنفذه العامل بجند يسابور إلى حضرة الخلافة بعد ما امتنع عن الخروج وأكرهه العامل فخرج ووصى ولد بختيشوع بالبيمارستان وأموره التي تتعلق به هناك واستصحب معه إبراهيم وسرجيس تلميذيه فقال له ولده بختيشوع ولا تدع ها هنا عيسى بن شهلافا فإنه يؤذي أهل البيمارستان فترك سرجيس وأخذ عيسى عوضه ولما وصل إلى مدينة السلام أمر المنصور بإحضاره فلما وصل إلى الحضرة دعا له بالفارسية والعربية وعجب المنصور من حسن منطقه ومنظره وأمره بالجلوس وسأله عن أشياء أجابه عنها بسكون فقال قد ظفرت منك يا جورجيس بما كنت أطلب وخبره بابتداء علته وكيف جرى أمره منذ ابتداء المرض وإلى وقته ذلك فقال له جرجيس أنا أديرك بمشيئة الله وعونه فأمر له في الوقت بخلعة جليلة وتقدم إلى الربيع بإنزاله في أجمل موضع من دوره وإكرامه كما يكرم أخص الأهل ولم يزل جرجيس يتلطف له في تدبيره حتى برئ المنصور وعاد إلى الصحة وفرح به فرحا شديدا وأمر أن يجاب إلى كل ما يسأل وقال له يوما من يخدمك ها هنا فقال تلامذتي فقال الخليفة سمعت أنه ليست لك امرأة فقال لي زوجة كبيرة ضعيفة ولا تقدر على النهوض من موضعها وانصرف من الحضرة ومضى إلى البيعة فأمر المنصور خادمه سالما أن يختار له من الجواري الروميات الحسان ثلاثا ويحملهن إلى جورجيس مع ثلاثة آلاف دينار ففعل ذلك فلما انصرف جورجيس إلى منزله عرفه عيسى بن شهلافا تلميذه بما جرى وأراه الجواري فأنكر أمرهن وقال لعيسى يا تلميذ الشيطان لم أدخلت هؤلاء إلى منزلي أردت أن تتجسني امض وردهن إلى أصحابهن ثم ركب جورجيس معه عيسى مع الجواري ومضى إلى دار الخليفة وردهن على الخادم فلما اتصل الخبر بالمنصور أحضره وقال لم رددت الجواري قال لا يجوز أن يكون مثل هؤلاء في منزلي لأنا نعشر النصارى لا نتزوج أكثر من امرأة واحدة ما دامت المرأة حية لا نأخذ غيرها فحسن موقع هذا من الخليفة وأمر في الوقت أن يدخل جورجيس إلى حظاياه

Page 123