121

Refinement of Rulings: Commentary on the Book of Essential Rulings

إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام

Publisher

مطبعة السنة المحمدية

٥٣ - الْحَدِيثُ الثَّامِنُ: وَلِمُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ، وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ» . ــ [إحكام الأحكام] بِالْحَاضِرِ. فَإِنَّ حُضُورَ الطَّعَامِ يُوجِبُ زِيَادَةَ تَشَوُّفٍ وَتَطَلُّعٍ إلَيْهِ. وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الشَّارِعُ اعْتَبَرَهَا فِي تَقْدِيمِ الطَّعَامِ عَلَى الصَّلَاةِ. فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهَا مَا لَا يُسَاوِيهَا، لِلْقَاعِدَةِ الْأُصُولِيَّةِ " إنَّ مَحَلَّ النَّصِّ إذَا اشْتَمَلَ عَلَى وَصْفٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُعْتَبَرًا لَمْ يُلْغَ ". [حَدِيثُ لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ] هَذَا الْحَدِيثُ أَدْخَلُ فِي الْعُمُومِ مِنْ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ. أَعْنِي بِالنِّسْبَةِ إلَى لَفْظِ " الصَّلَاةِ " وَالنَّظَرُ إلَى الْمَعْنَى يَقْتَضِي التَّعْمِيمَ وَهُوَ الْأَلْيَقُ بِمَذْهَبِ الظَّاهِرِيَّةِ وَقَدْ قَدَّمْنَا مَا يَتَعَلَّقُ بِحُضُورِ الطَّعَامِ. " وَالْأَخْبَثَانِ " الْغَائِطُ وَالْبَوْلُ. وَقَدْ وَرَدَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ. وَ" مُدَافَعَةُ الْأَخْبَثَيْنِ " إمَّا أَنْ تُؤَدِّيَ إلَى الْإِخْلَالِ بِرُكْنٍ، أَوْ شَرْطٍ، أَوْ لَا. فَإِنْ أَدَّى إلَى ذَلِكَ، امْتَنَعَ دُخُولُ الصَّلَاةِ مَعَهُ. وَإِنْ دَخَلَ وَاخْتَلَّ الرُّكْنُ أَوْ الشَّرْطُ: فَسَدَتْ بِذَلِكَ الِاخْتِلَالِ. وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ إلَى ذَلِكَ فَالْمَشْهُورُ فِيهِ الْكَرَاهَةُ. وَنُقِلَ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّ ذَلِكَ مُؤَثِّرٌ فِي الصَّلَاةِ بِشَرْطِ شُغْلِهِ عَنْهُ، وَقَالَ: يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدِهِ. وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ شَغَلَهُ، حَتَّى إنَّهُ لَا يَدْرِي كَيْفَ صَلَّى. فَهُوَ الَّذِي يُعِيدُ قَبْلُ وَبَعْدُ، وَأَمَّا إنْ شَغَلَهُ شُغْلًا خَفِيفًا لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ إقَامَةِ حُدُودِهَا، وَصَلَّى ضَامًّا بَيْنَ وِرْكَيْهِ، فَهُوَ الَّذِي يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ. وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَكُلُّهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ مَنْ بَلَغَ بِهِ مَا لَا يَعْقِلُ بِهِ صَلَاتَهُ وَلَا يَضْبِطُ حُدُودَهَا: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ الدُّخُولُ كَذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ، وَأَنَّهُ يَقْطَعُ صَلَاتَهُ إنْ أَصَابَهُ ذَلِكَ فِيهَا. وَهَذَا الَّذِي قَدَّمْنَاهُ مِنْ التَّأْوِيلِ، وَكَلَامِ الْقَاضِي عِيَاضٍ: فِيهِ بَعْضُ إجْمَالٍ. وَالتَّحْقِيقُ: مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ أَوَّلًا، أَنَّهُ إنْ مُنِعَ مِنْ رُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ: امْتَنَعَ الدُّخُولُ فِي الصَّلَاةِ مَعَهُ. وَفَسَدَتْ الصَّلَاةُ بِاخْتِلَالِ الرُّكْنِ وَالشَّرْطِ، وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ مَكْرُوهٌ، إنْ نُظِرَ إلَى الْمَعْنَى، أَوْ مُمْتَنِعٌ إنْ نُظِرَ إلَى ظَاهِرِ النَّهْيِ. وَلَا يَقْتَضِي ذَلِكَ

1 / 179