260

قلنا: إنا لم ندع الإجماع إلا بعد قيام الدليل القاطع على بطلان قول أصحاب النصمن الإمامية لأن ذلك النص على الأئمة الذين ذكروا إن كان آحاديا لم يؤخذ به في مسألتنا لأنها قطعية، وعلى تقدير أنها ظنية فلا تعارض أدلتنا القاطعة، وإن كان متواترا وجب أن لا يختص بالعلم به فريق دون فريق لأن الإمامة من أصول الدين المهمة التي يلزم كل مكلف معرفتها فيجب أن تكون أدلتها ظاهرة للجميع ليتمكن كل مكلف من النظر فيها وإلا سقط التكليف عمن لم يعلم الدليل لأن تكليف ما لم يعلم قبيح فكان يجب على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يظهره لجميع الأمة وإلا كان كتمانه تغريرا أو تلبيسا وذلك لا يجوز عليه صلى الله عليه وآله وسلم، ولاشك أنا إذا راجعنا أنفسنا علمنا من حالها أنها غير عالمة بذلك النص لا ضرورة ولا استدلالا بل المعلوم أن أكثر الأمة من الزيدية والمعتزلة والجبرية والمرجئة والخوارج أنهم ما وقفوا على هذا النص المتواتر ولا تواتر لهم مع شدة البحث والحرص في طلبه وهذه الطريقة هي التي عرفنا بها عدم معارضة القرآن وعدم صلاة سادسة وحج إلى غير الكعبة، ولو جوزنا تواطئ الأمة على كتم ذلك النص الضروري لجوزنا كتمهم كثيرا من أصول الشرائع فلا تقع الثقة بشيء من التكاليف الشرعية وهذا ظاهر الفساد، فعلم بهذا الدليل أن قول الإمامية ساقط ولا يلتفت إليه ولا يعد خارقا للإجماع.

فإن قيل: مدعاكم هو قصرها على البطنين، فكيف يصح الاحتجاج بالإجماع عليه والإجماع إنما هو على صحتها فيهم لا على قصرها عليهم؟

قلنا: لم نحتج بالإجماع على قصرها عليهم بل القصر له طرفان صحتها فيهم ونفيها عن غيرهم، فاحتججنا على الطرف الأول بالإجماع وعلى الثاني بعدم الدليل إذ لا دليل شرعي يدل على جوازها في غيرهم فوجب نفيه.

Page 313