Idah Fi Sharh Misbah
كتاب الإيضاح في شرح المصباح
Genres
حجة الأولين: إجماع الصحابة فإن الأنصار لما قالوا للمهاجرين منا أمير ومنكم أمير قال عمر بن الخطاب سيفان في غمد لا يصلحان فانقادوا لذلك كلهم فصار إجماعا، وقولنا في أمور الدين والدنيا نحو أخذ الزكاة ممن وجبت عليه وإقامة الحدود والجمعة وغزو ديار الحرب ونحو ذلك مثل حفظ أموال المساجد والمناهل والولاية على الأوقاف ونحو ذلك. وقولنا المتعلقة بالسياسة نحترز به مما لا يتعلق بالإمام كالصلاة والصيام ونحو ذلك وإنما تجب طاعة الإمام في أمور الدين والدنيا التي تتعلق بالسياسة وصلاحها كالجهاد والولايات والحدود وأخذ الزكاة كما ذكرنا، وقولنا على حد لا يكون فوق يده يد لنحترز بذلك عمن يجعل له الإمام ولاية عامة في جميع الأمور فإن من هذه حاله قد صارت له ولاية عامة إلا أنه لا يكون إماما لأن فوق يده يد وهي يد الإمام بدليل أنه لو وقع منه معصية يستوجب بها الحد فإن الإمام يحده.واختلف الناس في وجوبها فذهب الأكثر وهو مذهبنا إلى أنها واجبة لكن العلم بها جملة من فروض الأعيان وتفاصيلها من فروض الكفايات، وافترقوا، فمنهم من قال تجب عقلا وسمعا وهو مذهب بعض أئمتنا (عليهم السلام) ، منهم إمام زماننا أيده الله تعالى وبه قال البلخي وأبو الحسين والجاحظ والإمامية، وقال بعض أئمتنا (عليهم السلام) والجمهور بل سمعا فقط، وقالت الخوارج وبعض الحشوية وهشام الفوطي من المعتزلة (وضرار والأصم) من المجبرة لا تجب الإمامة وجوبا مستمرا لا عقلا ولا شرعا، وإن اختلفت مقالة هؤلاء، فالأصم يقول لا تجب إلا عند ظهور الظلمة وظلم الخلق فتجب لدفع الظلم، والحشوية يقولون لا تجب مطلقا لعدم الدليل، وهشام يقول: لا يجب على الإمام القيام إذا خشي القتل وثوران الفتنة، والصحيح عندنا وجوبها عقلا وسمعا، أما وجوبها عقلا: فإن الناس مع رئيس ينظمهم ومدبر يدبرهم أحسن حالا وأقرب إلى ترك التظالم وترك التظالم واجب عقلا وما لا يتم الواجب إلا به يكون واجبا كوجوبه، ولهذا فإن العرب لم تخل نفسها من زعيم ينقادون لأمره ونهيه ويهتدون بهديه وهذه الشيمة في العجم أظهر فإنهم لا ينفكون عن رئيس ينقادون له، وعليه قول الشاعر:-
لا يصلح القوم فوضى لا سراة لهم ولا سراة إذا جهالهم سادوا
وأما وجوبها سمعا: فمن الكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب: فقوله تعالى{إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين}(البقرة:124) وقوله تعالى{يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}(النساء:59) وأولي الأمر هم أئمة الحق من أهل البيت عليهم السلام الذين لا يجوز خلو الزمان من واحد منهم يصلح للإمامة بدليل قوله صلى الله عليه وآله وسلم:(أهل بيتي كالنجوم كلما أفل نجم طلع نجم) وسيأتي بيان أنهم المرادون بأولي الأمر وقصر ذلك عليهم دون غيرهم.
وأما السنة: فقال صلى الله عليه وآله وسلم:( من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية) قال الهادي عليه السلام يعني إما باسمه إن كان حاظرا وإما بصفته إن كان في زمان فترة.
Page 262