Al-Īḍāḥ (juzʾ 1) li-ʿĀmir al-Shammākhī
الإيضاح (ج1) لعامر الشماخي
Genres
وكذلك ميتة الحيوان البحري([10]) طاهرة عندهم، والدليل معهم هو الحديث المخصص لعموم قوله تعالى: { حرمت عليكم الميتة } وهو ما روي عن جابر بن عبد الله قال: ( بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا وأمر عليهم أبا عبيدة بن الجراح وهم في ثلاث مائة وأنا فيهم، فخرجنا حتى إذا كنا ببعض الطريق قل الزاد، فأمر أبو عبيدة بأزواد ذلك الجمع فجمعت وكان مزودي تمر وكان يقوتنا كل يوم قليلا قليلا ثم فني ولم يصبنا إلا تمرة تمرة ، قال: ولقد وجدنا فقدها حين فنيت ثم انتهينا إلى البحر فإذا بحوت مثل الظرب([11]) فأكل منه ذلك الجمع ثمان عشرة ليلة، فأمر أبو عبيدة بضلعين من أضلاعه فنصبا ثم أمر براحلته فرحلت، ثم مر تحتهما ولم يصبهما )([12]). ومن تعلق بعموم الآية بنجاسة الميت ميتة الحيوان البحري إلا أن مات بسبب، لأن الميت ما مات من تلقاء نفسه من غير سبب، وقال: ليس في حديث جابر دليل على طهرتها لأنه يحتمل أن يكون([13]) إنما حل أكلها لهم لأجل الضرورة لنفاد زادهم والله أعلم. والدليل مع أصحابنا ([14]) رحمهم الله تعالى ما روي أنه عليه الصلاة والسلام قال: ( أحل لكم ميتتان ودمان، فالميتتان الجراد والسمك، والدمان: الطحال والكبد )([15]) وما روي أنه عليه الصلاة والسلام قال من طريق ابن عباس رضي الله عنهما حين سئل عن الوضوء بماء البحر فقال: ( هو الطهور ماؤه والحل ميتته ). وكل ما كانت في البحر مما لا يعيش في البر فحلال ميتة لهذا الحديث، وقال تعالى: { وأحل لكم صيد البحر وطعامه }([16]) أيضا يدل على ذلك، وطعامه هو الطافي عند بعضهم: وعند الآخرين أن الضمير من طعامه يعود على الصيد لا عن البحر فعند هؤلاء أنه لا يحل من ميتة البحر إلا ما مات بسبب، واشتراط بعضهم ذكر التسمية عليه، ولعل حجتهم قوله تعالى: { ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه } فكان صيده عندهم هو ذكاته والله أعلم.
Page 325