181

Idah

الإيضاح (ج1) لعامر الشماخي

اختلفوا هل من شرط غسل الجنابة إمرار اليد؟ قال بعضهم: لا بد للغاسل([5]) من إمرار اليد مع الماء، لأن الغسل لا يعقل إلا كذلك، كقولهم: غسلت الثوب إنما يعقل باليد والماء جميعا قياسا على الوضوء، وهذا القول عندي أصح لقوله عليه الصلاة والسلام من طريق ابن عباس رضي الله عنهما ( تحت كل شعرة جنابة، فلبوا الشعر وأنقوا البشر ) ([6]) فقوله: أنقوا البشر يدل على إمرار اليد مع الماء، وقال آخرون: يجزئ الغاسل إفاضة الماء بغير إمرار اليد لأن اللغة تطلق على ذلك كقول الشاعر:

فجاءت سحابة فاغتسلنا بقطرها = وما عملت كفي عراكا لمغسل

واحتجوا أيضا بقول عائشة رضي الله عنها([7]) قالت: ( كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا أراد الغسل من الجنابة بدأ بغسل يديه ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة([8])، ثم يدخل أصابعه في الماء ويخلل([9]) بها أصول شعره([10])، ثم يصب على رأسه ثلاث غرفات بيده([11])، ثم يفيض الماء على جسده([12]) كله، وهذا بعد ما استنجى ). وحديث أم سلمة ( أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن امرأة جاءتها فقالت: امرأة تشد شعر رأسها([13]) هل تنقضه لغسل الجنابة؟ قال: إنما يكفيها أن تحثي عليه ثلاث حثيات([14]) من ماء، واغمزي قرونك عند كل حثية ثم تفيضين الماء عليك وتطهرين ). وقد روي عن بعض المسلمين يقول: من دخل البحر أو السيل أو ما له حركة فإن ضرب الموج وحركته يجزيه ويكفيه عن العرك، وإن اغتسل بعود أو حجر أجزأه ذلك لاستحقاقه اسم غاسل، وكذلك إن غسلته امرأته أو سريته أجزأه والله أعلم. وإنما يبدأ المغتسل بعد نزع النجس([15]) من بدنه بالوضوء لحديث عائشة رضي الله عنها المتقدم. وإن أخر الوضوء([16]) بعد الغسل([17]) لما يخاف أن يلاقي يده عورته في الغسل كان أحوط والله أعلم.

Page 182