168

Ictisam

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

Investigator

سليم بن عيد الهلالي

Publisher

دار ابن عفان

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

Publisher Location

السعودية

ﷺ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ اللَّهِ فِيهِمْ: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾ [البقرة: ١٤٦]، يَعْنِي: الْيَهُودَ. وَالضَّالُّونَ: هُمُ النَّصَارَى; لِأَنَّهُمْ ضَلُّوا فِي الْحُجَّةِ فِي عِيسَى ﵇، وَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. وَيَلْحَقُ بِهِمْ فِي الضَّلَالِ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا غَيْرَهُ، لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي أَثْنَاءِ الْقُرْآنِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، لِأَنَّ لَفْظَ الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا الضَّالِّينَ﴾ [الفاتحة: ٧] يَعُمُّهُمْ وَغَيْرَهُمْ، فَكُلُّ مَنْ ضَلَّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ دَاخِلٌ فِيهِ. وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ " الضَّالِّينَ " يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مَنْ ضَلَّ عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ; كَانَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلًا، إِذْ قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْآيَاتِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلَ هَذَا مِثْلُهُ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ [الأنعام: ١٥٣] عَامٌّ فِي كُلِّ ضَالٍّ، كَانَ ضَلَالُهُ كَضَلَالِ الشِّرْكِ أَوِ النِّفَاقِ، أَوْ كَضَلَالِ الْفِرَقِ الْمَعْدُودَةِ فِي الْمِلَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَهُوَ أَبْلَغُ وَأَعْلَى فِي قَصْدِ حَصْرِ أَهْلِ الضَّلَالِ، وَهُوَ اللَّائِقُ بِكُلِّيَّةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَالسَّبْعِ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ الَّذِي أُوتِيهِ مُحَمَّدٌ ﷺ. وَقَدْ خَرَجْنَا عَنِ الْمَقْصُودِ بَعْضَ خُرُوجٍ، وَلَكِنَّهُ عَاضِدٌ لِمَا نَحْنُ فِيهِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

1 / 185