Ictilal Qulub
اعتلال القلوب
Investigator
حمدي الدمرداش
Publisher
مكتبة نزار مصطفى الباز
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م
Publisher Location
مكة المكرمة
٨٤١ - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقُرَشِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ: لَمَّا أَفْضَتِ الْخِلَافَةُ إِلَى الْمُتَوَكِّلِ عَلَى اللَّهِ أَهْدَى إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاهِرٍ مِنْ خُرَاسَانَ جَوَارٍ، وَكَانَتْ فِيهِنَّ جَارِيَةٌ يُقَالُ لَهَا مَحْبُوبَةُ، وَكَانَتْ قَدْ نَشَأَتْ بِالطَّائِفِ، وَكَانَ لَهَا مَوْلًى مُغْرًى بِالْأَدَبِ، وَكَانَتْ قَدْ أَخَذَتْ عَنْهُ وَرَوَتِ الْأَشْعَارَ، وَكَانَ الْمُتَوَكِّلُ بِهَا مُعْجَبًا، فَغَضِبَ عَلَيْهَا وَمَنَعَ الْجَوَارِيَ مِنْ كَلَامِهَا، فَكَانَتْ فِي حُجْرَتِهَا لَا يُكَلِّمُهَا أَحَدٌ أَيَّامًا، فَرَأَى فِي الْمَنَامِ كَأَنَّهُ قَدْ صَالَحَهَا، فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَيْهِ قَالَ: يَا عَلِيُّ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: أَشَعَرْتَ أَنِّي رَأَيْتُ مَحْبُوبَةَ فِي مَنَامِي كَأَنِّي قَدْ صَالَحَتْنِي؟ قُلْتُ: خَيْرًا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِذًا يُقِرُّ اللَّهُ عَيْنَكَ وَيَسُرُّكَ. فَوَاللَّهِ إِنَّا لَفِي مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ حَدِيثِهَا إِذْ جَاءَتْ وَصِيفَةٌ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: يَا سَيِّدِي، سَمِعْتُ صَوْتَ عُودٍ مِنْ حُجْرَةٍ مَحْبُوبَةَ. قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: قُمْ بِنَا يَا عَلِيُّ نَنْظُرْ مَا هَذَا الْأَمْرُ. فَنَهَضْنَا فَأَتَيْنَا حُجْرَتَهَا، فَإِذَا هِيَ تَضْرِبُ بِالْعُودِ وَهِيَ تَقُولُ:
[البحر المنسرح]
أَدُورُ فِي الْقَصْرِ لَا أَرَى أَحَدًا ... أَشْكُو إِلَيْهِ وَلَا يُكَلِّمُنِي
حَتَّى كَأَنِّي أَتَيْتُ مَعْصِيَةً ... لَيْسَتْ لَهَا تَوْبَةٌ تُخَلِّصُنِي
فَهَلْ شَفِيعٌ لَنَا إِلَى مَلِكٍ ... قَدْ زَارَنِي فِي الْكَرَى فَصَالَحَنِي
حَتَّى إِذَا مَا الصَّبَاحُ لَاحَ لَنَا ... عَادَ إِلَى هَجْرِهِ فَصَارَمَنِي
قَالَ: فَصَاحَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ
وَصِحْتُ مَعَهُ، فَسَمِعَتْ مَحْبُوبَةُ، فَقَالَتْ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ؟ ثُمَّ أَكَبَّتْ عَلَى رِجْلَيْهِ تُقَبِّلُهُمَا وَقَالَتْ: يَا سَيِّدِي، رَأَيْتُكَ فِي لَيْلَتِي هَذِهِ كَأَنَّكَ قَدْ صَالَحْتَنِي. فَقَالَ: وَأَنَا وَاللَّهِ رَأَيْتُ كَأَنَّكِ قَدْ صَالَحْتِينِي. فَرَدَّهَا إِلَى مَرْتَبَتِهَا كَأَحْسَنِ مَا كَانَتْ
2 / 402