﴿[مَطْلَبٌ في جَرْحِ بَعْضِ المُتَأَخِّرِيَنَ؛ أَجَائِزٌ أَمْ لَا؟] (^١)﴾
وَمِنْهُمْ مَنْ نَسَبَ الْمُتَعَرِّضَ مِنْهُمْ لِلتَّجْرِيحِ فِي الأَزْمَانِ الْمُتَأَخِّرَةِ إِلَى ارْتِكَابِ الْمُحَرَّمِ لِكَوْنِهِ غِيبَةً، وَأَنَّ الأَخْبَارَ الْمُرَخَّصَ لَهُ مِنْ أَجْلِهَا قَدْ دُوِّنَتْ وَمَا بَقَى لَهُ فَائِدَةٌ.
وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِهَذَا أَبُو عَمْرِو بْنُ الْمُرَابِطِ (^٢) وَقَالَ: "إِنَّ فَائِدَتَهُ انْقَطَعَتْ مِنْ رَأْسِ الْأَرْبَعِ مِائَةٍ".
وَدَنْدَنَ هُوَ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ لَمْ يَتَدَبَّرْ مَقَالَهُ بِعَيْبِ الْمُحَدِّثِينَ بِذَلِكَ، وَصَرَّحَ بَعْضُهُمْ: بِأَنَّ مَا يَقَعَ فِي كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ الْقَائِمِينَ بِالتَّارِيخِ وَمَا أَشْبَهَهُ، كَالذَّهَبِيِّ ثُمَّ شَيْخِنَا، مِنْ ذِكْرِ الْمَعَايبِ وَلَوْ كَانَ الْمُعَابُ مِنْ أَهْلِ الرِّوَايَةِ، غِيبَةٌ مَحْضَةٌ.
وَنَحْوُهُ تَعَقُّبُ التَّقِيِّ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ ابْنَ السَّمْعَانِيِّ فِي ذِكْرِهِ بَعْضَ الشُّعَرَاءِ وَقَدَحَ فِيهِ بِقَوْلِهِ: "إِذَا لَمْ يُضْطَرَّ إِلَى الْقَدْحِ فِيهِ لِلرِّوَايَةِ لَمْ يَجُزْ" (^٣).
وَمِنْهُمْ مَنْ نَسَبَ بَعْضَهُمْ إِلَى التَّقْصِيرِ وَالتَّعَصُّبِ، حَيْثُ لَمْ يَسْتَوْعِبِ الْقَوْلَ فِيمَنْ هُوَ مُنْحَرِفٌ عَنْهُمْ، بَلْ يَحْذِفُ كَثِيرًا مِمَّا يَرَاهُ مِنْ ثَنَاءِ النَّاسِ عَلَيْهِمْ، وَيَسْتَوْفِي الْكَلَامَ فِيمَنْ عَدَاهُمْ، غَيْرَ مُقْتَصِرٍ عَلَيْهِمْ.
وَمِنْهُمْ مَنِ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى الذَّمِ مُجَرَّدُ الْجَهْلِ.
فَأَمَّا الأَوَّلُ: فَلَا شَكَّ فِي تَحْرِيمِ الاقْتِصَارِ عَلَيْهِ، حَسْبَمَا قَرَّرْنَاهُ.