Iclam Bima Fi Din Nasara
الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام وإظهار محاسن الإسلام
Investigator
د. أحمد حجازي السقا
Publisher
دار التراث العربي
Publisher Location
القاهرة
عَن إِدْرَاك حَقِيقَته فمتناقض أَيْضا لِأَن كل مَعْرُوف لَا بُد أَن يرتسم فِي الْعقل وَيحصل فِيهِ على الْوَجْه الَّذِي يكون مَعْرُوفا مِنْهُ فَأَما على الْجُمْلَة وَأما على التَّفْصِيل وَمَا لم يرتسم فِي الْعقل لَا جملَة وَلَا تَفْصِيلًا فَلَيْسَ بِمَعْلُوم وَأَنت إِذا ادعيت أَنَّك عَالم بالإتحاد فَلَا بُد أَن تكون عَالما بِهِ أما على الْجُمْلَة أَو على التَّفْصِيل وكيفما كَانَ فَلَا بُد لَك من أَن تعبر عَن معلومك على أَي وَجه كَانَ وَإِلَّا فَأَنت جَاهِل بالإتحاد وَمن جَهله كَافِر عنْدكُمْ وَأما تشبيهك هَذَا بكيفية سَماع مُوسَى فَلَيْسَ بِصَحِيح لأَنا مهما قيل لنا كَيفَ سمع مُوسَى كَلَام الله فَإِنَّمَا نسْأَل عَن أَمر لم نعلمهُ علم ذوق وَعَن تَفْصِيل مَا لم نعلمهُ تَفْصِيلًا بل علمناه على الْجُمْلَة
وَلذَلِك أجبنا بقولنَا إِن الله تَعَالَى خلق لَهُ إدراكا سمع بِهِ كَلَام الله تَعَالَى الَّذِي هُوَ وَصفه الَّذِي لَيْسَ بِحرف وَلَا صَوت ففهمنا الْإِدْرَاك على الْجُمْلَة وَلم نفهمه على التَّفْصِيل وَأَنت لم تعرف الإتحاد جملَة وَلَا تَفْصِيلًا بل جهلت وادعيت أَنَّك علمت
ف ﴿هاتوا برهانكم إِن كُنْتُم صَادِقين﴾
وَأما من قَالَ إِن الْكَلِمَة خالطت جسم الْمَسِيح ومازجته ممازجة الْخمر اللَّبن فَكَلَام فَاسد قَائِله لِلْعَقْلِ فَاقِد وَذَلِكَ أَن الْمَفْهُوم من المخالطة والممازجة لَا يتَصَوَّر إِلَّا فِي الْجَوَاهِر المتحدات وَذَلِكَ ان المخالطة إِنَّمَا يعبر بهَا عَن تجاور الْجَوَاهِر وإجتماعها بِحَيْثُ يكون كل وَاحِد من الْجَوَاهِر المتمازجة يحفظ حيزه ويشغله وَيمْنَع مِنْهُ غَيره
وَلذَلِك إِذا أفرغت إِنَاء مَاء على إِنَاء لبن مثلا وتمازجا كثر اللَّبن وَصَارَ لَا يَسعهُ بعد الممازجة مَا كَانَ وَالْعلم لَيْسَ بجوهر فاستحال عَلَيْهِ الإختلاط والإمتزاج بِالضَّرُورَةِ
فَإِن أَرَادوا بالإمتزاج والإختلاط أمرا آخر فَلَا بُد من بَيَانه وإفادة تصَوره وَلَا يتَكَلَّم على الشَّيْء ردا وقبولا إِلَّا بعد كَونه معقولا وَلَو سلمنَا الممازجة جدلا للَزِمَ عَلَيْهَا أَنْوَاع من المحالات مِنْهَا قيام الصّفة بِنَفسِهَا وانتقالها وَبَقَاء جَوْهَر الله تَعَالَى عريا عَنْهَا على قَوْلهم والعرى عَن الْعلم جَاهِل وَالْجهل على الله محَال وَيلْزم على
1 / 129