Iclam Bima Fi Din Nasara
الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام وإظهار محاسن الإسلام
Investigator
د. أحمد حجازي السقا
Publisher
دار التراث العربي
Publisher Location
القاهرة
ثمَّ نقُول هَذَا الصدى الَّذِي وصفت وَهُوَ إِلَه عنْدك كَمَا زعمت أهوَ الله تَعَالَى رب الْعَالمين وخالق السَّمَوَات وَالْأَرضين أم إِلَه غَيره فَإِن كَانَ هُوَ الله تَعَالَى فَلم سميته الصدى وَلم جعلته واسطا بَين نَفسه وَبَين خلقه وَهل هَذَا إِلَّا محَال فَإِنَّهُ لَا يتَصَوَّر فِي الْعقل وَاسِط لَا بَين إثنين وَيكون الواسط ثَالِثا
ثمَّ يلزمك على هَذَا أَن تجْعَل ذَات الْبَارِي الرب تَعَالَى صَوتا حَادِثا فَإِن ذَلِك الصدى عنْدكُمْ حَادث وَهَذَا كُله محَال بضرورة الْعقل وَإِن قلت أَنه غَيره فَيلْزم أَن يكون ذَلِك الصدى هُوَ الْمُتَكَلّم عَن نَفسه والمخبر بحقيقته فَإِذا سَمعه مُوسَى يَقُول أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا فَأَما أَن يخبر عَن نَفسه أَو عَن رب الْعَالمين فَإِن أخبر عَن نَفسه فَهُوَ كَاذِب فَإِن الرب تَعَالَى يكون إِلَهًا آخر وَإِن أخبر عَن الرب فلأي شَيْء قلت أَنه إِلَه وَأَن مُوسَى اعْترف لَهُ بالربوبية وَسجد لَهُ بل الْإِلَه الْحق رب الْعَالمين والصدى لَيْسَ بإله وَلَا رب
فقولك اعْترف مُوسَى بربوبيته وَعَبده بَاطِل بِالضَّرُورَةِ ثمَّ نقُول هَب أَن ذَلِك الصدى هُوَ الْمُتَكَلّم عَن الله وَأَنه إِلَه فَهَل يقدر الله تَعَالَى على ان يتَكَلَّم ويخبر عَن إِرَادَته بِغَيْر ذَلِك الصدى فَإِن قُلْتُمْ لَا فَذَلِك تعجيز لله تَعَالَى وَهُوَ الْقَادِر على كل شَيْء وَيلْزم عَلَيْهِ أَيْضا أَن يكون مُحْتَاجا لذَلِك الصدى وكل من كَانَ مُحْتَاجا فَهُوَ نَاقص معيب وَلَيْسَ بغنى وَالله تَعَالَى هُوَ الْغنى عَن كل الموجودات وَلَيْسَ لشَيْء من الموجودات عَنهُ غنى وَإِن كَانَ قَادِرًا على أَن يسمع كَلَامه بِغَيْر وَاسِطَة فَلَعَلَّ مُوسَى سَمعه بِغَيْر وَاسِطَة وَإِذا جَازَ أَن تسْقط الْوَاسِطَة أنهدم كل مَا رمت بناءه على أَنا قد كُنَّا هدمناه أَولا فِي أوحى لَحْظَة بأيسر نفخة وَإِنَّمَا أردنَا أَن نبين لَك وَلكُل من وقف على كلامك بعض مَا يلزمك وَأَنت لم تشعر بِشَيْء من ذَلِك وَلَوْلَا خشيَة التَّطْوِيل لأوردت عَلَيْك من النقوض واللوازم مَا يتعجب مِنْهُ كل حبر نبيل
ثمَّ نقُول هَب أَنا نسلم جدلا أَن الله تَعَالَى تكلم مَعَ مُوسَى بِوَاسِطَة الصدى فَلم قلت أَن عِيسَى مثل الصدى أعنى أَنه وَاسِطَة كَمَا أَن ذَلِك الصدى وَاسِطَة وَمَا الَّذِي دلك على ذَلِك ولأي شَيْء سويت بَينهمَا وَالْفرق بَينهمَا ظَاهر وَذَلِكَ أَن الصدى الَّذِي زعمت أَن مُوسَى سَمعه إِنَّمَا سَمعه مُوسَى بعد أَن احتجت لَهُ بالنَّار كَمَا زعمت وَالنَّار جماد
1 / 119