189

Al-Iʿlām bimā fī dīn al-naṣārā min al-fasād waʾl-awhām wa-izhār maḥāsin al-Islām

الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام وإظهار محاسن الإسلام

Editor

د. أحمد حجازي السقا

Publisher

دار التراث العربي

Publisher Location

القاهرة

هَذِه الْأُمُور بأدلة عقليه لم يعرف المعجزة وَلم يفده الْعلم بالتصديق للنَّبِي
وَأما وَجه دلالتها
فَهُوَ أَن الْمشَاهد للمعجزة المتحدي بهَا إِذا علمهَا وَعلم شُرُوطهَا علم على الضَّرُورَة أَن الله تَعَالَى قصد بذلك المعجز تَصْدِيق الْمُدَّعِي ويتبين هَذَا بمثال وَذَلِكَ أَنه لَو فَرضنَا ملكا عَظِيما اجْتمع لَهُ أهل مَمْلَكَته فِي مَجْلِسه وَأهل المملكة مصغون لما يَأْمُرهُم بِهِ ذَلِك الْملك
فَقَامَ رجل من بَين يَدَيْهِ وَقَالَ إِنِّي رَسُول هَذَا الْملك إِلَيْكُم وَقد أَمرنِي أَن أبلغكم أمره وَنَهْيه وَأَنا صَادِق فِي قولي هَذَا ثمَّ يَقُول يَا أَيهَا الْملك إِن كنت صَادِقا فِيمَا أقوله عَنْك فَخَالف عادتك وقم عَن سريرك قيَاما تخَالف بِهِ الْمُعْتَاد من فعلك فَإِذا فعل الْملك ذَلِك عِنْد تحدي الْمُدعى فَإِن أهل الْمجْلس يضطرون إِلَى الْعلم بِأَن الْملك قصد ذَلِك الْفِعْل تَصْدِيقه وَلَا يعتريهم فِي ذَلِك ريب وَلَا توقف فتنزلت إِذن تِلْكَ الْأَفْعَال بِتِلْكَ الشُّرُوط منزلَة قَوْله صدقت أَنا أرسلتك وَهَذَا بَين بِنَفسِهِ عِنْد كل موفق منصف مَعْلُوم على الْقطع
فَإِذا تقرر ذَلِك فمهما ادّعى شخص الرسَالَة وَاسْتدلَّ عَلَيْهَا بِمثل مَا ذَكرْنَاهُ كَانَ محقا فِي دَعْوَاهُ صَادِقا فِي قَوْله لَا يجوز لعاقل أَن يتَخَلَّف عَن مُتَابَعَته سَوَاء ادّعى عُمُوم رسَالَته أَو خصوصها ورسولنا مُحَمَّد ﷺ قد ادّعى عُمُوم رسَالَته وَاسْتدلَّ على صدقه بالمعجزات على الشُّرُوط الَّتِي ذَكرنَاهَا فَهُوَ صَادِق وَلَا يجوز لعاقل بلغه أمره أَن يتَخَلَّف عَن مُتَابَعَته وتصديقه
وَسَنذكر إِن شَاءَ الله بعض مَا أمكن ذكره من معجزاته فَإِنَّهُ ﷺ قد أيد بمعجزات كَثِيرَة حَتَّى إِذا جمعت وتتبعت علم مِنْهَا أَن الله تَعَالَى قد جمع لَهُ أَكثر معجزات الْأَنْبِيَاء قبله وَخَصه بمعجزات لم يُشَارِكهُ فِيهَا غَيره مِنْهُم وستقف إِن شَاءَ الله على أَكثر ذَلِك
فَهَذِهِ الْمُقدمَة الأولى

1 / 240