148

القول بجواز بيع ما يتخذ من الفضة للتحلي وغيره كالخاتم ونحوه بالفضة متفاضلا، وجعل الزيادة في الثمن في مقابل الصنعة.

القول بأن المائع لا ينجس بوقوع النجاسة فيه إلا أن يتغير، قليلا كان أو كثيرا.

تلك طائفة من اجتهادات ابن تيمية رحمه الله تعالى، التي عدت من مفرداته؛ لأنه خالف بها فقهاء المذاهب الأربعة المعروفة، أو خالف على الأقل الأقوال المشهورة المعروفة لهم، وهي تدل على باع طويل في الاجتهاد، وعلى شجاعة في الجهر بما رآه حقا وإن خالف غيره من جلة الفقهاء، وإن حصل له بلاء بسبب ما يجهر به. (5) من دراساته المقارنة

نتناول بالعرض هنا مسألة واحدة من أهم المسائل التي يجب بحثها في زماننا هذا وفي كل زمان، وهي مدى حرية المتعاقدين فيما يعقدان من عقود ويشترطان من شروط، وقد أفاض في بحثها بحثا مقارنا الشيخ ابن تيمية رحمه الله وأجزل ثوابه، وذلك على ما جاء في رسالته عن العقود والشروط التي نشرت في مجموعة فتاويه الكبرى.

ولهذه المسألة أهميتها وخطرها الكبير حقا؛ وذلك لأننا - كما ذكرنا في كتاب ظهر لنا منذ بضع سنين

13 - نعلم أن لإرادة الإنسان التأثير الأول في عقوده التي يعقدها وشروطه التي يشترطها، ونعلم أن الناس يعرفون اليوم من العقود والشروط ما لم يكن يعرفه أسلافهم؛ نظرا للحاجة التي تتجدد بتجدد الزمن.

فهل يكون للإنسان، مع هذا وذاك، أن يعقد ما شاء من عقود، ويشترط ما شاء من الشروط، ويكون ما يعمله جائزا شرعا؟ بمعنى هل يعتبر كل ما يكون من ذلك صحيحا شرعا، ما دام قد أراده والتزمه من نفسه كما أراده والتزمه من يتعاقد معه؟

وللإجابة عن هذا السؤال، نذكر أولا أن الأمر في القانون الوضعي واضح، فإنه لم يراع إلا الإرادة الحرة لكل من المتعاقدين، فكل عقد أو شرط يكون صحيحا متى صدر عن إرادة حرة؛ لهذا نرى الأستاذ الدكتور السنهوري يقول حرفيا ما يلي: «قد لخص «ديموج

Demogue » نظرية سلطان الإرادة في ست؛ أولا: التعاقد وهو حر في حدود النظام العام. ثانيا: الالتزام وهو ما أراده المتعاقدان. ثالثا: العبرة بالإرادة الباطنة لا بالإرادة الظاهرة. رابعا: يفسر القاضي العقد طبقا لنية المتعاقدين الصريحة والضمنية. خامسا: لا يجوز تعديل العقد إلا بإرادة المتعاقدين الصريحة والضمنية. سادسا: لا ينقضي الالتزام إلا بإرادة المتعاقدين.

14

Unknown page