أكثرها إمتاعا.
وقد درس ابن سينا، مثل شاعر
35
فارسي من قبل المستشرق: إته.
36 •••
فإزاء الأثر البالغ ذلك الاتساع، والذي لا نستطيع أن نعرف عنه غير قسم قليل من الناحية العملية، وذلك في وقت نحاول أن نتكلم عنه مفصلا، نشعر باستيلاء دوار وذعر علينا، لو لم نعلم أن ذوي العقول الكبيرة في القرون الوسطى والقرون القديمة كانوا - في الغالب - أقل اكتراثا للابتكار مما للجمع، وأنهم كانوا أكثر كلفا بالعلم مما بالإبداع عن إخلاص. ونعتقد أن من الواجب أن نحيي هنا - بسبب ابن سينا - أولئك العظماء السابقين، الذين كانت آثارهم وسيرهم موسوعية بالتساوي، فهذه الآثار والسير - وإن لم تكن مثلا كاملا من الناحية الخلقية - كانت خلاصة ورمزا للنشاط الإنساني بأسره، وقد عادت أزمنتنا لا تعرض وجوها مماثلة، وترانا راضين عن اعتقادنا عدم وجود أناس من ذلك الطراز؛ وذلك لأن العلم بلغ اليوم من الاتساع ما لا يستطيع معه دماغ رجل واحد أن يستوعبه.
أجل، قد يكون هذا، ولكن من الإنصاف أن يعترف بأن العلم اليوم ذو وحدة وانسجام أقل مما في الماضي، وأنه أقل بساطة مما كان عليه تحت ظل النظام المشائي العظيم، وفضلا عن ذلك، فإن وضعنا حيال العلم أقل تواضعا وإخلاصا؛ وذلك أننا أكثر حرصا على إذاعة صيتنا من إنعام نظرنا في قياس واسع من العلم، وأننا أكثر سعيا وراء المراتب من ولعنا بالدرس، وأننا نطلب الألقاب أكثر من طلبنا للمعارف، ونحن إذ نود أن نكون أكثر كمالا من أجدادنا في الاختصاص نوافق أن نكون ذوي أذهان أضيق أفقا، وطباع أقل قوة، ونفوس أقل حرية.
الفصل السادس
منطق ابن سينا
أهمية المنطق في المناهج القديمة - كيف أوضح ابن سينا غرض المنطق في «النجاة» - فائدة صناعة المنطق - أيساغوجي لفرفريوس الصوري. ***
Unknown page