100

Ibn Ḥazm ḥayātuh wa-ʿaṣruhu ārāʾuhu wa-fiqhuhu

ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه

Publisher

دار الفكر العربي

Publisher Location

القاهرة

وكان نسبه في بني أمية بألف دينار من الذهب العين فبعث إليه بنسخة منه قبل أن يخرجه إلى العراق، وكذلك فعل مع القاضي أبي بكر الأبهرى(١) المالكي في شرحه لمختصر ابن عبد الحكم(٢) وأمثال ذلك، وجمع بداره الحذاق في صناعة النسخ والمهرة في الضبط، والإجادة في التجليد، فأوعى من ذلك كله، واجتمعت بالأندلس خزائن من الكتب لم تكن لأحد من قبله ولا من بعده(٣).

١٢١ - تلك الخزانة التي حوت أعظم الكتب، والتي يقول ابن خلدون فيها إنها لم تكن لأحد قبل الحكم ولا بعده كانت بلا ريب تحت نظر ابن حزم، يقرأ فيها ويطلع، وينهل من مواردها العذبة وقد حوت كل ما أنتجه الفكر العربي الإسلامي، وجادت به القرائح في شرق الإسلام وغربه، قرأها أو استنسخها فكان منه بعد الغذى والتمثيل - ذلك الأثر العلمي الخالد الذي خلفه من بعده.

ونقول إن ابن حزم اطلع على تلك المكتبة بلا ريب، وكانت في سلطانه لأنها بقيت محفوظة إلى أيام الفتن التي قامت في قرطبة من سنة ٣٩٩ إلى سنة ٤٠٣، فقد قال في ذلك ابن خلدون. ولم تزل هذه الكتب بقصر قرطبة إلى أن بيع أكثرها في حصار البربر، وأمر بإخراجها الحاجب واضح من موالي المنصور بن عامر ونهب ما بقي منها عند دخول البربر واقتحامهم إياها(٤).

إذن فإن ابن حزم قد رأى هذه الخزانة وإذا كان قد رآها فلا بد أن يكون

(١) هو الفقيه المالكي الذي كان يعيش في العراق، وهو من أجل الناس في العبادة والورع دعي إلى القضاء فامتنع وقد توفي سنة ٣٧٥.

(٢) هو محمد بن عبد الله بن الحكم كان فقيهاً مالكياً تلقى الفقه المالكي على تلاميذ مالك وتلميذ الشافعي، وبعد وفاته عاد إلى المذهب المالكي، وكتب فيه وألف وتوفي سنة ٢١٤ وقبره بمصر بجانب قبر الإمام الشافعي.

(٣) نفح الطيب ج ٣ ص ٣٤١ طبع الرفاعي.

(٤) نفح الطيب ج ٤ ص ٢٤٢ الطبعة المذكورة.

100