82

Ibn Hanbal: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence

ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه

ولقد قال فيه يحيى بن معين: والله لا نقوى على ما يقوى عليه أحمد ولا على طريقة أحمد)).

ويقول فيه عبد الرحمن بن مهدي: ((هذا أعلم الناس بحديث سفيان الثوري، ويقول ((ما نظرت إلى أحمد بن حنبل إلا تذكرت به سفيان الثوري)) (١).

وسفيان الثوري فقيه أثري زاهد، نزه النفس عفيف، سنخصه بالذكر عند بيان من أثروا في نفس أحمد بن حنبل، سواء في ذلك من شاهدهم وعاينهم، ومن تنقى علمهم من تلاميذهم، وأصحابهم، فإن سفيان كان أبرز الآخرين في علم أحمد ونفسه.

٧٩ - هذه قبسة أخذناها من المنقول عن العلماء في الثناء على ذلك الإمام الجليل الذي بذل نفسه في سبيل ما يعتقد، وربى نفسه وكملها، واستحفظ أحاديث رسول الله ﷺ القيم وفتاوى أصحابه، فرواها ودونها، وتفهمها، وتخرج عليها، وأخذ طريقته في الفقه منها، فكان علمه كله ينتهي إليها.

ولا نزيد في هذا الموضع من بحثنا أن نبين مناحي علمه، ومناهجه في الحديث والفقه؛ بل إن لذلك موضعه في دراسة آرائه ورواياته وفقهه، إنما الذي نريد أن نبينه، ونحن في دراسة تاريخه وأحواله، والموجهات له - هو كيف تكونت له تلك الثروة العلمية؟

وإن العوامل التي توجه الناشئ، أو الشادي، أربعة - أولها - صفاته سواء أكانت خلقية أم كانت كسبية - وثانيها - الموجهون له من الشيوخ، ومن يتصل بهم - وثالثها - حياة الشخص، ودراساته الخاصة - ورابعها - العصر الذي أظله، والبيئة التي اكتنفته.

ولنتجه إلى بيان كل عامل من هذه العوامل، ليتجلى للقارئ التوجيهات المختلفة التي سيطرت على هذه النفس الكريمة، وأنتجت تلك الثمرات الطيبة من علم السنة، وفقه الأثر، وآراءه فيما يخوض فيه علماء الكلام، قالها مخلصا في بيانها، ويستوي في ذلك أن تكون الحق الذي لا شك فيه، أو غيره، ما دامت هي خلاصة ما انتهى إليه تفكيره، أو ما وجهته إليه دراساته.

(١) في المناقب لابن الجوزي، وحلية الأولياء، وتأريخ الذهبي، وطبقات ابن السبكي ثناء كثير للعلماء على أحمد قد قبسنا منها هذه القبسة، وارجع إلى الباقي فيها. (٦)

81