٢ ــ وكان سبب هذه الغزوة خيانة ونقض بني قريظة للعهد الذي كان بينهم وبين النبي ﷺ بتحريض من حييّ بن أخطب ــ جرثومة هذه الفتنة ــ كما تقدم تفصيله في حوادث غزوة الأحزاب.
ولولا أن الله ﷿ صرف الأحزاب وردّهم لأصاب المسلمين شرٌّ عظيم بسبب بني قريظة ونقضهم للعهد!!
٣ ــ وقوله ﷺ: "لا يصلينّ أحد منكم العصر إلا في بني قريظة": هذا مخرج في الصحيحين، إلا أنه في رواية مسلم: الظهر بدل العصر. (^١). وعلماء السيرة متفقون على أنها العصر (^٢).
٤ - وحاصل خلاف الصحابة في فهم هذا الحديث أن بعضهم حمل النهي فيه على حقيقته فأخروا صلاة العصر حتى صلوها في بني قريظة ولم يبالوا بخروج وقتها، وأما الصحابة الآخرون فحملوا النهي على غير حقيقته، وقالوا: ليس المقصود تأخير الصلاة عن وقتها، وإنما المراد الحثُّ والإسراع إلى بني قريظة، وهذا قول الجمهور من أهل المعاني والقياس (^٣)، وفعلهم هو الأرجح كما أوضحه المصنف ﵀.
٥ ــ وقد دلت هذه الحادثة على جواز اجتهاد العلماء في فروع الأحكام، ورفع الحرج عنهم في ذلك، وأن بعض نصوص الكتاب والسنة يمكن أن يحمل أكثر من فهم وأكثر من تفسير.
(^١) صحيح البخاري «٤١١٩»، صحيح مسلم «١٧٧٠».
(^٢) فتح الباري ٧/ ٤٠٨.
(^٣) إعلام الموقعين ١/ ١٥٦.