قالت كريستا: «شاجال، إنني أهوى شاجال؛ فبيكاسو كان وغدا.»
كانت جولييت تشعر بسعادة شديدة لما وجدته جعلتها بالكاد تنتبه لما يقال.
قالت لها كريستا: «أتعرفين ما كان يفترض أنه يقول؟ شاجال من أجل بائعات المتاجر.» فردت جولييت: «وما العيب في بائعات المتاجر؟ كان ينبغي لشاجال أن يقول إن لوحات بيكاسو هي من أجل الأشخاص ذوي الوجوه المضحكة.»
قالت جولييت: «أعني أن اللوحة جعلتني أفكر في حياتهم، لا أدري لم، لكنها كذلك.»
كانت جولييت قد قصت لكريستا بالفعل بعض الأشياء التي تتعلق بوالديها؛ كيف أنهما يعيشان في عزلة غريبة، لكنها في الوقت نفسه تفيض بالسعادة؛ عزلة برغم أن والدها كان مدرسا محبوبا. كان جزء من تلك العزلة راجعا إلى مشاكل القلب التي تعاني منها سارة، ولكن كان السبب أيضا يرجع إلى اشتراكهما في بعض المجلات التي لم يكن أحد بالجوار يقرؤها، أو سماعهما لبرامج في الإذاعة المحلية لا ينصت إليها أحد من المحيطين بهما، أو لأن سارة كانت تصنع ملابسها بنفسها - حتى وإن لم تكن ملائمة - من خلال نماذج التفصيل الخاصة بمجلة فوج، بدلا من نماذج بيتريك. أو ربما بسبب احتفاظهما بطابع الشباب بدلا من الحركة بكسل وتباطؤ مثل آباء زملاء جولييت في المدرسة. وصفت جولييت سام بأنه يشبهها - ذو عنق طويل، به بعض النتوءات الخفيفة عند الذقن، وشعر بني خفيف مسترسل. أما سارة فكانت شقراء نحيفة وشاحبة، وذات جمال ناعم غير مهندم. •••
عندما بلغت بينيلوبي شهرها الثالث عشر، اصطحبتها جولييت وطارت إلى تورونتو، ثم استقلت القطار بعد ذلك، وكان هذا عام 1969، ونزلت في إحدى المدن التي تبعد نحو عشرين ميلا عن المدينة التي نشأت بها، وحيث لا يزال سام وسارة يعيشان. من الواضح أن القطار لم يعد يتوقف هناك.
شعرت باستياء لنزولها في تلك المحطة الغريبة، ولم تتراءى لها، كما اعتادت دوما، تلك الأشجار، والأرصفة، والمنازل التي ما زالت تذكرها، التي يتبعها على الفور منزلها؛ منزل سام وسارة، الرحب رغم بساطته، بطلائه الأبيض المتقادم خلف شجرة القيقب اليانعة.
وها هما سام وسارة في تلك المدينة التي لم ترهما بها من قبل، تكسو وجهيهما ابتسامة مشوبة بالقلق، وقد تضاءل حجمهما بعض الشيء.
أطلقت سارة صيحة غريبة قصيرة، كما لو أن شيئا قرصها، واستدار شخصان بالمحطة ينظران نحوها.
كان من الواضح أنها صيحة نابعة من فرط إثارتها.
Unknown page