154

Huna Quran

هنا القرآن - بحوث للعلامة اسماعيل الكبسي

Genres

وكيف لا يبهت وهو الجاهل الغبي والغافل المدعي، والضال الغوي إلى الطريق السوي لا يهتدي (والله لا يهدي القوم الظالمين) [ البقرة:258].

والآن وقد استعرضنا الآية الكريمة أرجو أنه قد بان واتضح لكم أن الملك هو العلم. وأن الذي آتاه الله الملك هو إبراهيم.

ولن أغادر البقرة حتى نعرج على آية أخرى في السورة تتحدث عن بني إسرائيل فعندهم كتاب من الله وفيه علم من الله ولكنهم نبذوه واتبعوا الهوى ولهذا لم يصدقوا بالرسول الذي جاء مصدقا لما معهم من عند الله (ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون) [البقرة:101].

من المعروف أن كتاب الله هو العلم الذي ينزله على عباده ليهتدوا به إلى الحق والسلام.

ولكن هؤلاء القوم الذين أوتوا الكتاب فضلا من الله نبذوا هذا الكتاب، كتاب الله وراء ظهورهم فأصبحوا بذلك السلوك كأنهم لا يعلمون، أو أنهم تجاهلوا ما أنزل عليهم مظهرين أنهم لا يعلمون، وكلا الحالين ضلال وخسران مبين.

وليس هذا فقط بل كذبوا بالرسول الذي جاء من عند الله مصدقا لما معهم واستمروا في غيهم وباطلهم وجهلهم وتجاهلهم فهم كأنهم لا يعلمون.

وعلى هذا الحال العاطل أصبح هواهم هو الباطل، وهمهم هو العرض العاجل، فاتجهوا إلى أعمال لا تنفع في العاجل ولا الآجل، ذلك ما يوضحه الله في الآية التالية:

(واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان)

لقد تركوا العلم الحق واتبعوا الباطل والبهتان وانطلقوا يدعون أن السحر هو العلم الذي تركه سليمان وهو وهم روجه الشياطين منهم بين الناس ليتعلموه زاعمين أن هذا هو الطريق الذي تفوق به سليمان وسخر به الريح والجان.

ومن المعروف أن سليمان لم يكن ما ناله من الله هو السحر والوهم بل هو العلم فلقد أوتي علما وفضلا من ربه يفهم به منطق الطير والحيوان ويسمع النمل في أعماق الوديان، حتى لما أوتي بعرش ملكة سبأ لم يؤت به إلا بالعلم.

Unknown page