(قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك)
فسليمان ما ادعى قدرته للتدبير ولا افتخر بأنه يشارك الله القدير في التأثير. بل قال: (هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر) فهو ما ادعى ولا كذب ولا كفر ولا سحر بل اعترف بفضل ربه وشكر.
فكيف يدعي هؤلاء أنهم على علمه يمضون ولطريقه يتلون؟ كلا فهم للسحر الباطل يمارسون، وبالله يكفرون ويشركون، ويخدعون الناس بأنهم مؤثرون قادرون، وهذا هو الكفر والضلال المبين والجهل المهين.
(وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر) وعلى هذا الفهم للآية يتضح لنا أن المراد بكلمة ملك سليمان هو علم سليمان لأننا قد عرفنا أنه قد أوتي علما وفضلا من ربه وأوتي ملكا لا ينبغي لأحد من بعده.
فهؤلاء الكفرة زعموا أنهم على علمه يمضون، وهم كاذبون كافرون، مدعون المشاركة لله فيما يعملون.
ثم نمضي في الآية لنجد أنهم مع ذلك اتبعوا شيئا آخر من العمل الضار، والسلوك الضال، ما هو؟
إنه (وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت)
إن لكلمة الملكين قراءتين هي بفتح اللام وبكسر اللام والأخيرة هي قراءة الحسن وهي قراءة مشهورة وصحيحة.
فماذا تعني كلمة الملكين؟
إنها لا تعني إلا شيئا واحدا هو أنهما عالمين ولهذا جاء بعد ذلك قوله:
Unknown page