Al-Hawāmil waʾl-shawāmil
الهوامل والشوامل
Editor
سيد كسروي
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition
الأولى
Publication Year
١٤٢٢هـ - ٢٠٠١م
Publisher Location
بيروت / لبنان
وإثارة لشجاعته وسببًا لحركة قَوِيَّة من نَفسه. فَإِذا ثارت هَذِه الْقُوَّة كَانَ مثلهَا مثل النَّار الَّتِي تبتدىء ضَعِيفَة وتقوى بِمُبَاشَرَة الْأَفْعَال وبالإمعان فِيهَا حَتَّى تصير تِلْكَ الْأَفْعَال لَهَا بِمَنْزِلَة الْمَادَّة للنار تتزيد بهَا إِلَى أَن تلتهب وتستشيط وَيصير بِمَنْزِلَة السَّكْرَان فِي قلَّة الضَّبْط والتمييز. وَهِي الْحَال الَّتِي يلتمسها الْمُحَارب من نَفسه.
(مَسْأَلَة مَا السَّبَب فِي أَن النَّاس يَقُولُونَ هَذَا الْهَوَاء أطيب من ذَلِك الْهَوَاء)
وَذَلِكَ المَاء أعذب من ذَلِك المَاء وتربة بلد كَذَا وَكَذَا أَصْلَب من تربة كَذَا وطين مَكَان كَذَا أنعم من طين مَكَان كَذَا وأعفن وأسبخ ثمَّ لَا يَقُولُونَ فِي قِيَاس هَذَا: بلد كَذَا ناره أَجود وَأحسن وأصفى أَو أَشد حرا وإحراقًا وَأعظم لهيبًا بل يصرفون هَذِه الصِّفَات على اخْتِلَاف الْموَاد كَأَنَّهَا فِي الْحَطب الْيَابِس أبين سُلْطَانا وَفِي الْقطن المنفوش أسْرع نفوذًا. الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه ﵀: إِن الْأَركان الْأَرْبَعَة وَإِن اشتركت فِي ان بَعْضهَا يَأْخُذ قُوَّة بعض الْأَقَل وَالْأَكْثَر حَتَّى يكون بَعْضهَا أخْلص فِي صورته ونوعه من بعض فَإِن النَّار من بَينهَا خَاصَّة أقل قبولًا لقُوَّة غَيرهَا وأعسر ممازجة وَذَلِكَ أَن صُورَة النَّار غالبة على مادتها. وَبَيَان هَذَا أَن الأَرْض تقبل من ممازجة المَاء والهواء مَا تستحيل بِهِ عَن صورتهَا الْخَاصَّة بهَا حَتَّى تصير مِنْهَا الحمأة وَالْملح وضروب الْأَشْيَاء الَّتِي تخْتَلف بهَا الترب. وَكَذَلِكَ المَاء يقبل من الأَرْض الَّتِي يجاوره والهواء الَّذِي يَلِيهِ ضروب
1 / 292