254

Al-Hawāmil waʾl-shawāmil

الهوامل والشوامل

Editor

سيد كسروي

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٢٢هـ - ٢٠٠١م

Publisher Location

بيروت / لبنان

التَّام الْحِكْمَة الَّذِي يَسْتَوْفِي جَمِيع أَجْزَائِهَا علما وَعَملا أَو نَبِي لَهُ تِلْكَ الْمنزلَة بالإلهام والتوفيق ثمَّ لابد من الْمَادَّة البشرية الَّتِي يَأْخُذهَا من هَذَا الْعَالم وَإِن كَانَ بِلَا عشق وَلَا لصوق شَدِيد وَلَا إِيثَار. وَهَذَا الْمَعْنى وَاسع الْبَحْر طَوِيل الميدان قد أَكثر فِيهِ النَّاس وَفِيمَا أَوْمَأت إِلَيْهِ وصرحت بِهِ وَالسَّلَام.
(مَسْأَلَة لم قيل لَوْلَا الحمقى لخربت الدُّنْيَا)
وَمَا فِي الْحَيَاة الحمقى من الْفَائِدَة على الدّين وَالدُّنْيَا وَهل الَّذِي قَالُوهُ حق. الْجَواب: قَالَ أبوعلي مسكويه ﵀: قد تبين أَن الْإِنْسَان مدنِي بالطبع وَأَنه لَا يعِيش متوحدًا كَمَا تعيش الطير والوحش لِأَن تِلْكَ مكتفية بِمَا خلق لَهَا من الرياش وَالْهِدَايَة إِلَى مصالحها وأقواتها وَالْإِنْسَان عَار لَا طَاقَة لَهُ وَلَا هِدَايَة إِلَى قوته ومصلحته إِلَّا بالاحتماع والتعاون هُوَ المدنية. ثمَّ إِن الْمَدِينَة لَهَا حَال تسمى بِالْأولَى عمَارَة وبالإضافة إِلَى الأولى. فَأَما حَال عمارتها فَإِنَّمَا يتم بِكَثْرَة الأعوان وانتشار الْعدْل بَينهم بِقُوَّة السُّلْطَان الَّذِي ينظم أَحْوَالهم ويحفظ مَرَاتِبهمْ وَيرْفَع الغوائل عَنْهُم. وأعني بِكَثْرَة الأعوان تعاون الْأَيْدِي والنيات بِالْأَعْمَالِ الْكَثِيرَة الَّتِي بَعْضهَا ضَرُورِيَّة فِي قوام الْعَيْش، وَبَعضهَا نافعة فِي حسن الْحَال فِي الْعَيْش،

1 / 285