158

Al-Hawāmil waʾl-shawāmil

الهوامل والشوامل

Editor

سيد كسروي

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٢٢هـ - ٢٠٠١م

Publisher Location

بيروت / لبنان

فِي دمائه فَقلت: من قتل الْإِنْسَان فَإِذا قُلْنَا: قتل نَفسه فالقاتل هُوَ الْمَقْتُول أم الْقَاتِل غير الْمَقْتُول فَإِن كَانَ أَحدهمَا غير الآخر فَكيف تواصلا مَعَ هَذَا الِانْفِصَال وَإِن كَانَ هَذَا ذَاك فَكيف تفاصلا مَعَ هَذَا الِاتِّصَال وَإِنَّمَا شيعت الْمَسْأَلَة الأولى بِهَذَا السُّؤَال لِأَنَّهُ ناح نَحْوهَا وقاف أَثَرهَا. الْجَواب: قَالَ أَبُو على مسكويه ﵀: كَأَن هَذِه الْمَسْأَلَة مبينَة على أَن الْإِنْسَان شَيْء وَاحِد لَا كَثْرَة فِيهِ والشبهة فِيهَا من هَذَا الْوَجْه تقوى فَإِذا بَان أَن للْإنْسَان قوى كَثِيرَة وَهُوَ مركب مِنْهَا وَأَنه يمِيل فِي وَقت مَا نَحْو قُوَّة وَفِي وَقت آخر نَحْو غَيرهَا وَأَن أَفعاله - أَيْضا - بِحَسب ميله إِلَى إِحْدَى القوى وغلبتها عَلَيْهِ كَمَا بَيناهُ فِي الْمَسْأَلَة الَّتِي قبل هَذِه - زَالَ هَذَا الشَّك. فَأَما قَوْله: كَيفَ تواصلا مَعَ هَذَا الِانْفِصَال فَأَقُول: إِن السَّبَب فِي ذَلِك أَن الْبَارِي تَعَالَى لما علم أَن هَذَا الْمركب من نفس وجسد يحْتَاج إِلَى أَشْيَاء تُقِيمهُ من غذَاء وَغَيره وَأَنه لَا قوام لِحَيَاتِهِ إِلَّا بمادة وَكَانَ لَا يصل إِلَى تِلْكَ الْمَادَّة إِلَّا بحركة وسعي وَكَانَت العائقات والمانعات عَنْهَا كَثِيرَة - أعطَاهُ قُوَّة يصل بهَا إِلَى حاجاته وَيدْفَع بهَا أضدادها عَن نَفسه ليتم لَهُ الْبَقَاء. وَمن شَأْن هَذِه الْقُوَّة أَن تهيج وتثور فِي أَوْقَات بِأَكْثَرَ مِمَّا يَنْبَغِي وَفِي أَوْقَات تقصر عَمَّا يَنْبَغِي. وَهَاتَانِ الحالتان لَهَا رذيلتان: أما الأولى فيتبعها التهور وَأما الثَّانِيَة فيتبعها الْجُبْن. وللإنسان - بِقُوَّة التَّمْيِيز وَالْعقل - أَن يسْتَعْمل هَذِه الْقُوَّة على مَا يَنْبَغِي وبالقدر الَّذِي يَنْبَغِي وعَلى الشَّيْء الَّذِي يَنْبَغِي.

1 / 189