67

Hawa Jadida

حواء الجديدة

Genres

ويلاه ما أمر الموت! جزعت جدا يا موريس لأن النوبة كانت أشد من كل نوبة سابقة، وتأكدت أنها القاضية، عجيب أنها عبرت من غير أن تفصل روحي عن جسدي، وعجيب أن صوابي لا يغيب هنيهة كأن حواسي وأفكاري متيقظة دائما؛ لكي تزيد آلامي، سأرجو من الدكتور أن يستدعيك؛ لأني لم أعد أطيق مجافاتك لا بد أن تغتفر لي خطيبتك هذا الإثم، إنها رحيمة وأنت تتوسل إليها أن تغفره، رحماك موريس! تعال دقيقة قبل أن أموت.

إيفون

الفصل السابع عشر

الصراع الأخير

قال الطبيب: وما أتيت على آخر هذا الكتاب حتى كنت قد استنزفت آخر دمعة من عيني، وكانت الصفحات الأخيرة منه مكتوبة بقلم رصاص، ووهن يد إيفون ظاهر فيها، والصفحة الأخيرة لا تكاد تقرأ؛ لأن حروفها مضطربة والإمضاء الأخير ليس إلا خطا متموجا.

دهشت لما أدركت أن المدموازيل ماري مارتال خطيبة موريس إنما هي ابنة إيفون، وأنها قصدت إليها واستوهبتها منها قلب خطيبها، وهما تجهلان إحداهما الأخرى، هممت في الحال أن أمضي إلى موريس؛ لكي أطلعه على كتاب إيفون، فإذا هو داخل علي يضطرب كالمجنون فبادأني قائلا: قد استبطأتك فهل جد لك ما أعاقك؟ - كنت الآن على أهبة المضي إليك اجلس. - كيف إيفون؟ قيل لي: إنها أسوأ حالا اليوم. - بل هي كالأمس فلا تجزع، اجلس فإن لي حديثا معك. - خير إن شاء الله.

جلس فناولته كتاب إيفون وقلت: خذ اقرأ هذا الكتاب بهدوء وسكينة، وأقسم لي أنك لا تخرج من هنا حتى أعود إليك. - ما هذا الكتاب؟ - من إيفون لك، وقد أوصتني أن أحفظه عندي إلى حين، ولكني رأيت أن من الصواب أن أدفعه إليك الآن.

فتناوله بلهفة وقال: إني سجين هنا إلى أن تطلق سراحي.

من حسن الحظ أني كنت أعرف المسيو جوزف ماتون معرفة بسيطة، فذهبت إلى منزله فلم أجده؛ لأن الوقت كان المساء فبحثت عنه فوجدته في سبلندد بار، التمست مقابلته على انفراد فاعتزلنا في إحدى زوايا الحانة، فبادأته قائلا: إن لي معك حديثا خطير الشأن يا مسيو ماتون، فلا أعلم كيف أفتتحه إذ لا أدري ماذا يكون وقعه في نفسك، ولكن إذا وثقت بحسن نيتي سهلت لي محادثتك فيه. - أراك شديد الاهتمام يا دكتور بوشه، وأخاف أن يكون حديثك سيئا، فابسطه بكل حرية، إني هادئ الخلق. - إذن أرجو أن تصدقني الجواب، ألم يكن لك أخت تدعى جوزفين؟

وجم عن الجواب، فقلت له: أما أذنت أن أبسط لك حديثي بكل حرية، ووعدت أن تكون هادئ الخلق؟ فأرجو أن تسامحني إذا كان تسآلي يسوءك. - نعم لي أخت بهذا الاسم. - والمدموازيل ماري ابنتها؟ - نعم، ولكن ليس من يعرف ذلك إلا زوجتي؛ لأني أخذت الفتاة من أمها طفلة إلى باريس ثم نعيتها إليها؛ لكي أقطع كل صلة بينهما، وهي لا تعلم إلا أنها يتيمة الأبوين. - هذا ما أدركته، هل تعرف شيئا عن أختك الآن؟ - لماذا هذا التسآل يا سيدي؟ - أتيت لكي أخبرك أنها مريضة وتتوق أن تراك.

Unknown page