Harakat Tarjama Bi Misr
حركة الترجمة بمصر خلال القرن التاسع عشر
Genres
جهود الحكومة في حمل تلاميذ الحقوق على دراسة القوانين الفرنسية والشريعة الإسلامية في آن واحد.
وقد قام المترجمون بنصيب كبير في تأدية هذه الأعمال.
أما فيما يختص بالقضاة، فقد اتضح للحكومة حينما أنشئت المحاكم الأهلية أنه ليس لديها من القضاة المصريين علماء بالقانون. «فعندما انعقد مجلس النظار في 2 نوفمبر سنة 1882 للنظر في المذكرة المتقدمة من ناظر الحقانية التي طلب فيها تأليف لجنة لترتيب المحاكم الأهلية ولإعداد القوانين التي تتبع أمامها. حدثت مناقشة بين رياض باشا وفخري باشا وشريف باشا وزكي باشا وعلي مبارك باشا وحيدر باشا وعمر لطفي باشا، دار البحث فيها على النقطة الآتية: هل الأوفق اختيار قضاة أجانب يعاونون القضاة المصريين؟ فقال علي مبارك باشا: لو كان من الممكن إدخال قضاة أجانب لكان أتم. فأجاب زكي باشا: ربما كان من تؤلف منهم المحاكم لا يفهمون القوانين الموجودة الآن. فرد عليه رياض باشا: الذي لا يفهم القوانين الموجودة الآن لا يفهمها بعد تعديلها. فأيده شريف باشا قائلا: لا أرى في الأهلين الاستقلال الكافي ولا العمل الكافي لحسن سير المحاكم الأهلية بدون مساعدة قضاة أجانب.»
39
فأصبح وجود المترجمين ضروريا لوجود القضاة الأجانب في المحاكم الأهلية، وكانت مهمتهم مزدوجة؛ إذ كان عليهم ترجمة المرافعات والأقوال في الجلسات. ثم ترجمة المذكرات وسائر الأوراق، كي يتسنى للقاضي الأجنبي الاطلاع على محتوياتها قبل الحكم في القضايا. (9) الترجمة في الدواوين
كان لاشتغال الأجانب في المصالح والدواوين، واحتلالهم بعض المناصب العالية الفنية، واشتغال المحاكم المختلطة باللغات الإفرنجية أثر محسوس في استعمال اللغات الأجنبية في المكاتبات الرسمية وتحرير التقريرات، وكانت بطبيعة الحال تترجم إلى الجهات المختلطة، واستوجبت هذه الحالة إعادة إنشاء مدرسة الألسن وتوظيف التلاميذ المتخرجين فيها كل سنة في أقلام الترجمة.
وقد صدر أمر إداري موقع عليه من سعادة رئيس مجلس النظار وموجه إلى جميع النظارات بتاريخ 23 أكتوبر سنة 1888 / 8 صفر سنة 1306 ورد فيه فيما يختص بمترجمي مكتب الترجمة: «أن هؤلاء الطلبة يرسلون إلى النظارات المختلفة لأخذ اللازم منهم في وظائف الكتابة والترجمة، ووضع الباقين في أقلام هذه النظارات تحت التمرين.»
40
وليس في وسعنا حصر جميع الوظائف المخصصة للمترجمين في الوزارات والمصالح، ولكننا نستطيع أن نقول: إنها كانت غير قليلة. (10) الترجمة غير الرسمية
وإذا كانت الحكومة المصرية استمرت في عهد احتلال تشجع المترجمين الرسميين لأغراض تتعلق بشئون المدارس والمصالح فإن شدة العناية بتعليم اللغات الأوروبية في المدارس المصرية أدت إلى ازدياد عدد من أتقنوا فهم الكتب الإفرنجية، فقام فريق من رجال الأدب البارزين بترجمة المؤلفات النفسية والإنفاق على طبعها دون أن يعولوا على إعانة حكومية، ووجدوا من القراء إقبالا شجعهم على مواصلة عملهم وتوسيع دائرته حتى أصبحت الترجمة تشمل خلال هذه الفترة جميع العلوم والفنون من اجتماعية وسياسية إلى قضائية واقتصادية، ولا شك في أن ازدياد الكتب العربية، وجعلها في متناول القراء، وتزويد المكتبات المصرية بخلاصات الفكر الحديث - ساعد على تثقيف طبقات الشعب المتعلمة.
Unknown page