122

Harakat Tarjama Bi Misr

حركة الترجمة بمصر خلال القرن التاسع عشر

Genres

ومرت السنون وعظم شأن اللغتين الإنجليزية والفرنسية. فكان من يجهل إحدى هاتين اللغتين يشعر بنقص كبير في حياته العملية، واتخذت الوزارة قرارات في هذا الصدد كان من أثرها الغض من اللغة العربية، وإليك ملخص التقرير الرابع المقدم من نظارة المعارف إلى الحضرة الفخيمة الخديوية، عن التعليم في سنة 1888، وهو يصور لنا فكرة القرارات الخاصة بتعليم اللغات الأجنبية بالمدارس الثانوية: «إن تعليم اللغات الأجنبية التي لها في هذا العصر من الأهمية ما لا يخفى بمصر خاصة، لم يأت إلى الآن في مدارسنا بالنتائج المطلوبة، وليس ذلك لتقصير من المعلمين، أو فتور في همتهم، فإنهم في الواقع أهل لما عهد إليهم من الوظائف، غير أن الوقت المخصص لتعليم هذه اللغات غير كاف، حتى تكتسب التلامذة ملكة استعمال اللغة، ويسهل عليهم التكلم بها، وهو أمر لا يمكن الحصول عليه إلا بعد تمرين طويل مستمر. فلتلافي هذا الأمر بقدر الإمكان، تقرر أن موارد العلوم الجاري تدريسها للآن باللغة العربية تعلم من الآن فصاعد بمعرفة مدرسي اللغة الأجنبية، إما باللغة الفرنسية، وإما باللغة الإنجليزية . فإذا درس التاريخ والجغرافية والعلوم الطبيعية بلغات أجنبية، وضم هذا إلى تعليم اللغة المقصودة بالذات، سهل نيل المقصود للأسباب الآتية: (1)

لاشتمال هذه العلوم على التمرينات التي تقوى بها التلاميذ في اللغة. (2)

لزيادة الزمن المعين لتعليم اللغات الأجنبية بجعله ساعتين في اليوم، بعد أن كان ساعدة واحدة.»

38

وأدخلت أيضا بعد ذلك حصص للترجمة. (7-10) المنافسة بين اللغتين الفرنسية والإنجليزية في المدارس

ظلت اللغة الفرنسية بعد أن حلت محل اللغة الإيطالية لغة الاتصال بين الجاليات الأجنبية والمصالح الحكومية، وكانت مصر تستمد من فرنسة المدرسين والكتب المدرسية لترجمتها إلى اللغة العربية، ولم تنافسها في هذه السيادة لغة أجنبية أخرى، ولكن الحالة تغيرت بعد احتلال الإنجليز البلاد وازدياد النفوذ البريطاني في الشرق الأدنى. قال أحد الكتاب الإنجليز في هذا الشأن: «كانت اللغة الفرنسية تدرس في المدارس الابتدائية، ولكن حلت محلها اللغة الإنجليزية» ثم أضاف: «إن استبدال اللغة الإنجليزية باللغة الفرنسية في المدارس الابتدائية يرجع إلى أسباب سياسية. فبعد أزمة فاشودة أدرك الأهالي أن النفوذ البريطاني سيأخذ في الازدياد على حين يضمحل النفوذ الفرنسي، وكانت نتيجة ذلك أن الأقسام الخاصة بالتعليم الفرنسي فقدت تلاميذها تدريجا، وفي سنة 1902 ألغي القسم الفرنسي في المدارس الأميرية، ولم تعلم في المدارس الابتدائية إلا لغة أوروبية واحدة وهي اللغة الإنجليزية، ومع ذلك لم تفقد اللغة الفرنسية في مصر مركزها؛ إذ إن معظم المدارس الأوروبية الدينية تدرس هذه اللغة وتخرج كل سنة عددا غير قليل من التلاميذ المصريين والأوروبيين يتقنون الكتابة والكلام باللغة الفرنسية، فساعدوا على أن يبقى العمل في بعض الدواوين باللغة الفرنسية دون الإنجليزية.» (8) الترجمة في المحاكم الأهلية

تكلمنا عن المحاكم المختلطة في عصر إسماعيل باعتبارها إحدى منشآته، ونذكر أن النظام القضائي الأهلي كان مختلا إلى أن أنشئت المحاكم الأهلية الجديدة في سنة 1883، أي في عهد توفيق، وقد ترتب على إنشاء تلك المحاكم إدخال تغييرات جوهرية في أنظمتها فاضطرت الحكومة إلى تعديل نظام تعيين القضاة، وشرعت في تعديل القوانين المستعملة أو تنقيحها، كما قررت إعداد هيئة خاصة من الموظفين لأعمال المحاكم.

ففيما يختص بالقوانين اتخذت الحكومة عدة إجراءات منها : (1)

ترجمة القوانين من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية، ولا نعني بذلك ترجمة الكود والقوانين المختلطة التي تكلمنا عنها في عهد إسماعيل، ولكننا نقصد القوانين التي صدرت في مصر باللغة التركية. إذ كانت القوانين توضع وتنشر بأصلها التركي، ثم تترجم إلى العربية ليفهمها المصريون. إلا أن نقلها من أصلها التركي إلى اللغة العربية كان مشوها إلى درجة توجد اللبس، وكانت اللغة التركية هي اللغة السائدة في المحاكم، بيد أنهم كانوا يطلبون من رئيس كتاب المجلس معرفة اللغة العربية إلى جانب اللغة التركية. (2)

توحيد القوانين وجمع الأحكام الأهلية، وكان بعضها بالتركية وبعضها بالعربية. (3)

Unknown page