والخنث
12
والخبث، وليس بعيدا الزمن الذي كانوا ينزلون فيه إلى تلك السهول؛ ليقبضوا على بعض البنغاليين فيذبحوهم حول ما يكرمونه من جثث الموتى. واحترام الغارو للموتى يستوقف النظر كثيرا؛ فالغارو، إذ يرون أن حرق الجثث هو ما يكرم به الموتى، وأن هذا الحرق يتعذر في فصل الأمطار، يحفظون جثث موتاهم في العسل في أثناء ذلك الفصل إلى أن يحل فصل الجفاف فيحرقوها فيه.
والناغا، الذين يدل اسمهم على «الأفاعي»، يذكروننا بسادة الهند الجنوبية الأقدمين الوارد ذكرهم في الراماينا بأنهم عباد الأفاعي، ومن المحتمل أن كان بينهم وبين قدماء الدراويد قربى ما بدو سودا، ويبدون قوما محاربين متمتعين بالاستقلال الكامل.
والكهاسيا هم الشعب المتوحش الوحيد الذي يتصل بصلة التجارة بالبلاد المجاورة، ويزرع أراضيه الجبلية، ويبلغ درجة ضعيفة من الحضارة، ويقيم الكهاسيا بقرى كبيرة، ويبدون ملاحا صلاحا ذوي أفراح وأنغام محكمة عند الشرقيين، ويعلك الكهاسيا عشبة تحمر أسنانهم ويعتذرون عن ذلك ب «أن البنغاليين والكلاب ذوو أسنان بيض»، ومن أغرب عاداتهم أن يرموا بيضات؛ ليكون لهم من انتشار صفارها الفأل أو الطيرة،
13
وترى طرق قراهم مملوءة بقشور البيض، ولا يأكل الكهاسيا ما ينتجه دجاجهم من البيض؛ لما في البيض من مصادر ثمينة لمعرفة الغيب.
وتدين بالوثنية جميع القبائل الوحشية التي ذكرنا طبائعها وعاداتها ذكرا خاطفا، والنكاح عند هذه القبائل من أقل النظم حرمة، ولنسائها حق السيطرة على الأسر، وحق نقل الأموال وتحويلها، وحق الاعتراف ببنوة الأبناء، ولهن شأن كبير في الحكومة أحيانا.
شكل 2-3: تيمور لنك «كما جاء في مخطوط هندي قديم»، «مكتبة فيرمان ديدو».
ولا يزال الغارو محافظين على بعض العادات القديمة التي سنفصلها حين البحث في بعض شعوب الهند، ويقسم الغارو إلى قبائل صغيرة تدعى بالمهار أو الأمومات، وكانت تمارس السلطة في كل واحدة من الأمومات امرأة فيما مضى، فيمارسها اليوم رئيس «لشكر» منتخب من بين أكثر من يملكون عبيدا، على أن توافق النساء على نصبه، ويستشيرهن في غير مسألة. والفتاة هي التي تخطب الفتى في المهار تبعا للعادات القديمة، وفي الغالب يغصب رجال المهار الخطيب غصبا مصنوعا ما كانت الزوجة القادمة ملك المهار، ولا يرث الابن في المهار إلا بعد عمته وأبناء عمته، ويكثر الطلاق في المهار فيظل الأولاد فيها ملصقين بأمهم، ولا يعرف الأولاد أباهم في الغالب، أو يعيشون قريبين منه مع عدهم إياه أجنبيا.
Unknown page