265

فاجرا. وأيضا ظاهر العمل الصالح لا يفيد اليقين بالجنة ، فلا عمل إلا بالإخلاص ، ولا حكم بالإخلاص إلا لله تعالى ، لأنه من عمل القلب وقلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبه كيف يشاء. ولهذا جاء «

** والمخلصون على خطر عظيم

يدعون ربهم خوفا وطمعا ) [السجدة : 16] ( ويدعوننا رغبا ورهبا ) [الأنبياء : 90] وقيل : ( لا خوف عليهم ) [يونس : 62] أمامهم فليس شيء أعظم في صدر الذي يموت مما بعد الموت ، فآمنهم الله تعالى ثم سلاهم فقال لهم ( ولا هم يحزنون ) [يونس : 62] على ما خلفوه بعد وفاتهم في الدنيا. ثم إن الأئمة خصصوا نفي الخوف والحزن بالآخرة ، لأن مجاري الأمور في الدنيا لا تخلو من مواجب الخوف والحزن. وقال صلى الله عليه وسلم «

** خص البلاء بالأنبياء ثم بالأولياء ثم الأمثل فالأمثل

مكروها ، وإنما مراده مراد حبيبه ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) [النساء : 65] فبترك الإرادة يصح نسبة العبودية ، وبالرضوان يحصل مفاتيح الجنان ، وتنكشف الهموم والأحزان ، ويتساوى الفقر والوجدان ، وتثبت حقيقة الإيمان ( والذين كفروا ) لجحدهم مولاهم ( وكذبوا بآياتنا ) لإثباتهم حكما لهم بحسب مشتهاهم وهواهم ( أولئك أصحاب النار ) وملازموها دائما سرمدا سواء كانوا من الإنس أو من الجن ، أعاذنا الله منها بعميم فضله وجسيم طوله.

** التأويل :

الطبيعة تعبدا ورقا وانقيادا للأمر وامتثالا للحكم ، اسجدوا له تعظيما لشأن خلافته وتكريما لفضيلته المخصوصة به ، فمن سجد له فقد سجد لله تعالى كما قال ( إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله ) اسجدوا لآدم لأجل آدم فإن عبادتكم وطاعتكم لا توجب ثوابا لكم ولا تزيد في درجاتكم ، ولكن فائدتها تعود إلى الإنسان لقوله ( يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض ) ولأن الإنسان يقتدي بهم في الطاعة ويتأدب بآدابهم في امتثال الأوامر والانزجار عن الإباء والاستكبار ، كيلا يلحقه من اللعن والبعد ما لحق إبليس ( فسجدوا إلا إبليس ) لأنهم خلقوا من نور ، والنور من شأنه الانقياد والإفاضة ، وأنه خلق من نار والنار من شأنها الاستعلاء طبعا ( وكان من الكافرين ) لأنه ستر الحق على آدم كما سمي إبليس لأنه أبلس الحق. ( ولا تقربا هذه الشجرة )

Page 267