Gharaib Quran
غرائب القرآن و رغائب الفرقان
( فتكونا ) جزم عطفا على ( تقربا ) ونصب جوابا للنهي. ( من الظالمين ) من الذين ظلموا أنفسهم بمعصية الله. قوله ( فأزلهما الشيطان ) الآية. تحقيقه فأصدر الشيطان زلتهما عنهما ولفظة عن في هذه الآية كهي في قوله ( وما فعلته عن أمري ) [الكهف : 482] فالضمير للشجرة. وقيل : أذهبهما وأبعدهما كما تقول : زل عن مرتبته وزلت قدمه. فالضمير للجنة ، ومن قرأ أزالهما فهو من الزوال عن المكارم مما كانا فيه أي من النعيم والكرامة ، أو من المكان الذي هو الجنة إن كان الضمير في ( عنها ) الشجرة.
واعلم أن الناس اختلفوا في عصمة الأنبياء عليهم السلام ، والنزاع إما في باب الاعتقاد ، أو في باب التبليغ ، أو في باب الأحكام والفتيا ، أو في أفعالهم وسيرتهم. أما اعتقادهم الكفر والضلال فغير جائز عند أكثر الأئمة. وقالت الفضيلة : إنه قد وقع منهم ذنوب والذنب عندهم كفر وشرك ، فلا جرم قالوا بوقوع الكفر منهم. وأجازت الإمامية عليهم إظهار الكفر على سبيل التقية ، وأما ما يتعلق بالتبليغ فاجتمعت الأمة على عصمتهم عن الكذب والتحريف في ذلك لا عمدا ولا سهوا وإلا ارتفع الوثوق. ومنهم من جوز ذلك سهوا لأن الاحتراز غير ممكن ، وأما المتعلق بالفتيا فأجمعوا على أنه لا يجوز الخطأ فيه عمدا ، وأما السهو فجوزه بعضهم وأباه آخرون. وأما المتعلق بأفعالهم فالحشوية جوزوا الكبائر عنهم عمدا ، وأكثر المعتزلة جوزوا الصغائر عنهم عمدا إلا ما ينفر كالكذب والتطفيف ، والجبائي لا يجوز صغيرة ولا كبيرة على جهة العمد بل على التأويل. وقيل : لا يقع منهم الذنب إلا على جهة السهو والخطأ ، ولكنهم يؤاخذون به وإن كان ذلك موضوعا عن أمتهم ، لأن معرفتهم أقوى وهم على التحفظ أقدر. والشيعة لم يجوزوا صغيرة ولا كبيرة منهم لا عمدا ولا سهوا ولا على سبيل التأويل والخطأ. وفي وقت عصمتهم ثلاثة أقوال : فمذهب الشيعة أنهم معصومون من وقت مولدهم ، والمعتزلة من وقت بلوغهم ولم يجوزوا الكفر والكبيرة منهم قبل النبوة ، وبعضهم وأكثر أصحابنا على تجويز ذلك قبل النبوة ، والمختار أنهم لم يصدر عنهم الذنب حال النبوة لا الكبيرة ولا الصغيرة لوجوه :
** الأول :
يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين ) [الأحزاب : 30]
وصغائر الرجل الكبير كبائر
Page 256