Ghamz ʿuyūn al-baṣāʾir sharḥ kitāb al-ashbāh waʾl-naẓāʾir (Li-Zayn al-ʿĀbidīn Ibn Nujaym al-Miṣrī)
غمز عيون البصائر شرح كتاب الأشباه والنظائر ( لزين العابدين ابن نجيم المصري )
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition
الأولى
Publication Year
١٤٠٥هـ - ١٩٨٥م
قُسِمَ، طَهُرَ لِوُقُوعِ الشَّكِّ فِي كُلِّ جُزْءٍ هَلْ هُوَ الْمُتَنَجِّسُ، أَوْ لَا.؟
ــ
[غمز عيون البصائر]
فَإِذَا زَالَ الْيَقِينُ وَوَقَعَ الشَّكُّ فِي بَقَاءِ ذَلِكَ الْمَجْهُولِ وَعَدَمِهِ لَا يَمْتَنِعُ الْعَمَلُ بِمَا كَانَ ثَابِتًا يَقِينًا؛ لِأَنَّ الْيَقِينَ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الشَّكَّ قِسْمَانِ: قِسْمٌ طَارِئٌ عَلَى الْيَقِينِ أَيْ حَاصِلٌ بِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهُ وَشَكٌّ طَارِئٌ بِالْيَقِينِ أَيْ بِمُعَارَضَةِ دَلِيلٍ مَعَ دَلِيلٍ آخَرَ، فَالْأَوَّلُ لَا يُزِيلُ الْيَقِينَ وَالثَّانِي يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ يَقِينًا، بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الشَّكَّ إنَّمَا يَنْشَأُ عَنْ عَدَمِ الدَّلِيلِ، أَوْ عَنْ تَقَابُلِ دَلِيلَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ مُتَّحِدَيْنِ زَمَانًا وَمَحَلًّا، حَتَّى لَوْ اخْتَلَفَ زَمَانُهُمَا يَكُونُ الثَّانِي نَاسِخًا لِلْأَوَّلِ إذَا كَانَ دَلِيلُ الْوُجُودِ دُونَ الْبَقَاءِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ مَحَلُّهُمَا فَلَا تَقَابُلَ، وَإِنْ جُهِلَ حَصَلَ الشَّكُّ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ عَلَى الزَّوَالِ عَنْ الْمَحَلِّ الْآخَرِ، وَالْبَقَاءِ فِيهِ، فَإِذَا ثَبَتَ حُكْمٌ يَقِينًا لِمَحَلٍّ مَعْلُومٍ، وَالشَّكُّ فِي ثُبُوتِ ضِدِّ ذَلِكَ الْحُكْمِ لِذَلِكَ الْمَحَلِّ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي عَدَمِ دَلِيلٍ، أَوْ فِي تَقَابُلِ دَلِيلَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ يَقْتَضِي أَحَدُهُمَا بَقَاءَ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ، وَالْآخَرُ عَدَمَهُ، وَحِينَئِذٍ يَتَسَاقَطَانِ وَيَبْقَى الْحُكْمُ الْأَوَّلُ بِدَلِيلٍ، فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ الْيَقِينُ لَا يَرْتَفِعُ بِالشَّكِّ.
وَهَذَا هُوَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنْ قِسْمَيْ الشَّكِّ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَأَتَّى الشَّكُّ حِينَئِذٍ مِنْ دَلِيلٍ مُعَارِضٍ لِدَلِيلِ الْأَوَّلِ مُسَاوٍ لَهُ يَكُونُ نَسْخًا إنْ كَانَ الْأَوَّلُ دَلِيلَ الْوُجُودِ دُونَ الْبَقَاءِ فَهُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ قِسْمَيْ الشَّكِّ أَمَّا إذَا ثَبَتَ حُكْمٌ يَقِينًا لِمَحَلٍّ مَجْهُولٍ فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الشَّكُّ فِي دَلِيلٍ مُعَارِضٍ لِدَلِيلٍ مُسَاوٍ لَهُ يُثْبِتُ ضِدَّ ذَلِكَ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا لَمْ يُتَيَقَّنْ كَوْنُ الدَّلِيلِ الْآخَرِ نَاسِخًا بَلْ احْتَمَلَ أَنْ يَثْبُتَ ضِدُّ الْحُكْمِ فِي الْمَحَلِّ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ نَاسِخًا، فَإِنْ ثَبَتَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ فَلَا يَكُونُ نَاسِخًا احْتِمَالًا عَلَى السَّوَاءِ فَحَصَلَ الشَّكُّ ضَرُورَةً فِي بَقَاءِ الْحُكْمِ فِي الْمَحَلِّ الْمَجْهُولِ وَعَدَمِهِ، وَهُوَ أَيْضًا فِي الْقِسْمِ مِنْ قِسْمَيْ الشَّكِّ، وَهُوَ نَاشِئٌ مِنْ الْيَقِينِ الْأَوَّلِ مَعَ مُعَارِضِهِ، وَلَيْسَ بِشَكٍّ خَارِجٍ عَنْهُ وَرُدَّ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ يَقْتَضِي الرُّجُوعَ إلَى يَقِينٍ آخَرَ غَيْرِ الْيَقِينِ الْعَارِضِ فَتَأَمَّلْ، وَأَمْعِنْ النَّظَرَ، فَإِنَّ الْإِمَامَ الرَّبَّانِيَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيَّ لَمْ يَضَعْ تِلْكَ الْمَسْأَلَةَ فِي السِّيَرِ مِنْ غَيْرِ تَحْقِيقٍ، خُصُوصًا، وَهِيَ فِي أَمْرِ الْقَتْلِ الَّذِي هُوَ عَظِيمُ الْخَطَرِ يُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ (انْتَهَى) . قُلْت وَهُوَ تَحْقِيقٌ وَبِالْقَبُولِ حَقِيقٌ.
(١٠) قَوْلُهُ: قُسِمَ طَهُرَ لِوُقُوعِ الشَّكِّ، هَذَا خِلَافُ التَّحْقِيقِ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ، وَإِنَّمَا جَازَ لِكُلٍّ الِانْتِفَاعُ لِلشَّكِّ فِيهَا حَتَّى لَوْ جُمِعَ عَادَ كَمَا فِي الْبَحْرِ لِلْمُصَنِّفِ ﵀
1 / 197