142

قال تعالى " ولقد آتينا لقمان الحكمة : ومن يؤت (1) الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا " . فلقمان بالنص ذو (2) الخير الكثير بشهادة الله تعالى له بذلك . والحكمة قد تكون متلفظا بها ومسكوتا عنها مثل قول (3) لقمان لابنه "يا بني إنها إن jك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأت بها الله " . فهذه حكمة منطوق بها ، وهي أن جعل الله هو الآتي بها ، وقرر ذلك الله في كتابه ، ولم يرد هذا القول على قائله . وأما الحكمة المسكوت عنها وعلمت بقرينة الحال ، فكونه سكت عن المؤتى إليه بتلك الحبة ، فما ذكره ، وما قال لابنه يأت بها الله إليك ولا إلى غيرك . فأرسل الإتيان عاما وجعل المؤتى به في السموات إن كان أو في الأرض تنبيها لينظر الناظر (4) في قوله " وهو الله في السموات وفي الأرض " . فنبه لقمان بما تكلم وبما سكت عنه أن الحق عين كل معلوم ، لأن المعلوم أعم من الشيء فهو أنكر النكرات . ثم تمم الحكمة واستوفاها لتكون النشأة كاملة فيها فقال إن الله لطيف فمن لطفه ولطافته أنه في الشيء المسمى كذا المحدود بكذا عين ذلك الشيء حتى لا يقال فيه إلا ما يدل عليه اسمه بالتواطؤ والاصطلاح . فيقال هذا سماء وأرض وصخرة وشجر (6) وحيوان وملك ورزق وطعام. والعين واحدة من كل شيء وفيه . كما تقول الأشاعرة إن العالم كله متماثل بالجوهر : فهو جوهر واحد فهو عين قولنا العين واحدة (86-ب) . ثم قالبت ويختلف بالأعراض ، وهو قولنا ويختلف ويتكثر بالصور والنسب حتى يتميز فيقال هذا ليس هذا من حيث صورته أو عرضه أو مزاجه كيف شئت فقل . وهذا عين هذا من حيث جوهره، ولهذا

Page 188