5
ويهب الحلق للتراب لطف الوهاب، ليشرب الماء وينبت مئات الأعشاب.
ثم يهب الحلق والشفة للحيوان، ليأكل العشب في كل مكان. فإذا أكل العشب سمن وتر، فصار طعام الإنسان لا مفر.
ثم يحور التراب أكال البشر، حين يفارقه الروح والبصر. وكم رأيت ذرات مفتحة الأفمام، إن أبين أكلها طال الكلام. له على الأقوات بالأقوات إنعام، وللمرضعات مرضعات من لطفه العام. ويهب الأرزاق أرزاقا كما يشاء، وإلا فكيف ينمو البر بغير غذاء؟ لا أرى لهذا الكلام انتهاء، قلت جزءا وأنت تعلم أجزاء. العالم كله آكل ومأكول، والباقيات مقبل ومقبول،
6
هذا العالم وسكانه منتشرون، وذاك العالم وقطانه مستمرون. هذا العالم وعشاقه إلى انقطاع، وأهل ذاك العالم للخلد والاجتماع. فالكريم من لنفسه أهدى، ماء الحياة الذي يبقى أبدا. الكريم هو الباقيات الصالحات، قد خلص من الأهوال والآفات. إن تكن آلافا فهي واحدة لا أكثر، ليست كالخيالات بالعدد تكثر.
7
وللآكل والمأكول مريء وحلق، وللغالب والمغلوب عقل وحذق، وقد وهب الحلق لعصا العدل، فكم أكلت من عصا وحبل.
8
ولم يزد جوفها بهذا الأكل، لم يكن حيوانيا أكلها والشكل. ثم وهب اليقين حلقا كالعصا، فأكل كل خيال يرى. فللمعاني حلوق كالأعيان، ورازق حلوق المعاني هو الله المنان.
Unknown page